الأسرار
الكنسيَّة السبعة - للقس أنطونيوس فكري
1- الأسرار السبعة - المقدمة
هناك سر يترجم بالإنجليزية SECRET وهو ما لا يذاع. ولكننا
في كلمة الأسرار الكنسية السبعة نترجمها SEVEN SACRAMENTS بمعنى مقدسات.
وباليونانية ميستريون أي شيء خفي أو مستور. وقد لا يمارس إنسان كل الأسرار.
فالبتولي لا يتزوج لكنه ثمرة سر زواج. وليس كل إنسان يصير كاهنًا لكننا جميعًا
نستفيد من سر الكهنوت خادم الأسرار جميعها.
والأسرار
السبعة هي:
1- المعمودية
2- الميرون (التثبيت)
3- التوبة الاعتراف
4- الإفخارستيا
5- مسحة المرضى
6- الزيجة
7- الكهنوت خادم الأسرار كلها. فلا يمارس أي سر إلاّ
كاهن شرعي غير محكوم عليه.
وهناك أسرار لا تعاد وهي المعمودية والميرون والكهنوت. وباقي الأسرار تعاد فالإنسان يقدم توبة
ويعترف ويتناول دائمًا.
ومدخل كل الأسرار هو المعمودية.
فلا يتناول إنسان من سر الإفخارستيا ما لم يكن معمدًا. كما أن الشعب اليهودي لم
يأكل من المن إلاّ بعد أن إجتاز البحر الأحمر الذي هو رمز للمعمودية.
وإن كان سر التوبة هو الخاص
بمغفرة الخطايا إلاّ أن مغفرة الخطايا هي مع كل سر من
الأسرار. ففي المعمودية غفران للخطايا (الحالية والجدية) ويخرج الإنسان مولودًا
جديدًا. وهكذا في الميرون والإفخارستيا ومسحة المرضى والزيجة.
لذلك يجب ممارسة الاعتراف قبل كل
سر:
1) يقول الكاهن في القداس (يعطي خلاصًا وغفرانًا للخطايا).
2) وعن سر مسحة المرضى "صلاة الإيمان تشفي المريض وإن كان قد فعل خطية
تغفر له" (يع15:5).
والإنسان لكي يتقبل نعمة من الله
في أي سر من الأسرار لابد أن يكون تائبًا ليستحق غفران خطاياه وبهذا يستحق أن يعمل فيه الروح القدس عملًا خاصًا.
وأسرار الكنيسة مبنية على عمل الروح القدس. فالروح القدس هو الذي يبارك
مياه المعمودية ويعطي للإنسان ميلادًا جديدًا فيعتبر مولودًا من الماء والروح. والروح القدس هو صاحب المسحة المقدسة في سر
الميرون. وهو الذي يعطي غفران الخطايا في سر التوبة فلا يغفر الخطايا سوى الله
وحده. والروح القدس هو الذي يحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه، والكاهن يستدعي روح الرب في سر الإفخارستيا فبروحه
تتم الإستحالة. والروح القدس هو الذي يمنح السلطان والدرجة في سر الكهنوت. وهو
الذي يحول الإثنين واحدًا في سر الزواج ويمنحهما حبًا روحانيًا متبادلًا يحافظ
على كيان الأسرة، لذلك يقول الكتاب "ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان" والروح القدس هو الذي يمنح
الشفاء في سر مسحة المرضى.
إذًا الروح القدس هو العامل في الكنيسة في الأسرار المقدسة. وسميت أسرار لأجل
العمل السري الذي يعمله الروح القدس دون أن يرى الناس منه شيئًا. ولذلك قيل أنها
أسرار لأننا بها ننال نعمة سرية تعطي بواسطة شيء ظاهر، فالظاهر مثلًا هو تغطيس
المعمد في الماء والسر هو ولادة جديدة، موت مع المسيح وقيامة مع المسيح. والظاهر
في سر الإفخارستيا هو خبز وخمر والسر هو عمل الروح القدس غير المنظور في تحويلهما إلى جسد
الرب ودمه. لذلك فالسر الكنسي يقال عنه نعمة غير منظورة تحت أعراض منظورة والنعمة
التي نحصل عليها في السر هي نعمة قابلة للزيادة والنقصان بحسب جهاد الإنسان.
أمثلة:
في سر الميرون يسكن الروح القدس
في الإنسان بمقدار كذا |→--------?←|
بجهاد الإنسان يمتلئ بالروح
وتزداد النعمة لتصير |→---------------?←|
إذا أهمل الإنسان جهاده ينطفئ
الروح ويحزن لتصير النعمة |→?←|
لذلك يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله
التي فيك بوضع يديَّ" (2تي6:1). ويقول للجميع
"امتلئوا بالروح" ويكمل شارحًا كيف نمتلئ بالروح "مكلمين بعضكم
بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل
حين على كل شئ.. خاضعين.." (أف18:5-21). ولاحظ أنه يقول إمتلئوا بالروح لأهل
أفسس الذي حل عليهم الروح القدس من قبل (أف3:4،4) ويقول
لأهل كورنثوس "جسدكم هيكل للروح القدس" (1كو19:6). وينبه
الرسول أيضًا قائلًا "لا تحزنوا روح الله" (أف30:4) وأيضًا لا تطفئوا
الروح (1تس19:5).
مثال
آخر:
في المعمودية ندفن مع ا لمسيح وصُلِب إنساننا العتيق
وقمنا بحياة جديدة متحدين بالمسيح (رو3:6-6) فهل جسد الخطية بَطُلَ لكل المعمدين؟!
هذا لأن ليس كل المعمدين يجاهدون، ولهذا تضمحل النعمة التي حصلوا عليها.
مثال
آخر:
كسر الخبز فتح عيني تلميذي عمواس
فعرفوا المسيح (لو30:24،31). وفي قسمة للقديس كيرلس (رقم 19 في الخولاجي) يقول (وعند إصعاد الذبيحة على مذبحك تضمحل الخطية من أعضائنا
بنعمتك) فهل كل إنسان يتناول تنفتح عينيه فيعرف المسيح وتضمحل الخطية
من أعضائه؟ السبب يرجع لعدم الجهاد والتراخي.
مثال
آخر:
في سر الزيجة يمنح الروح القدس نعمة المحبة للزوجين، فهل كل زوجين
نالا سر الزيجة هما في محبة روحانية؟ والسبب راجع لعدم الجهاد. فالبيت الذي فيه
صلاة وكتاب مقدس وتوبة وجهاد لابد وأن يمتلئ محبة.
مثال
آخر:
وبنفس المفهوم يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الذي حصل على سر الكهنوت "إلى أن أجئ أعكف على القراءة
والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك، المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة.. لاحظ نفسك والتعليم"
(1تي12:4-16). فتيموثاوس حصل على نعمة الكهنوت بوضع يد المشيخة (بولس الرسول) وهذه النعمة تزداد بالقراءة (يعلم
نفسه)والوعظ والتعليم (يعلم شعبه) فالمروي هو أيضًا يُروَي (أم25:11).
والسر هو عمل مقدس يتم بالصلاة
واستخدام وسائط حسية منظورة ننال بها نعمة الله ومواهبه غير المنظورة. ولذلك قال أغسطينوس أن (السر هو الشكل المنظور لنعمة غير
منظورة). والله أراد أن نستخدم أشياء منظورة لأننا الآن في الجسد، والجسد هو شيء
مادي لا يُدرك سوى الماديات. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام
المقالات والكتب الأخرى). الإنسان روح وجسد والروح تدرك الروحيات والجسد لا يُدرك
سوى الماديات. لذلك فإستخدام المواد في الأسرار هام حتى يُدرك الجسد ما يحصل عليه.
مادة
السر:
1) في المعمودية الماء وهو مادة مناسبة فبالماء يغتسل الإنسان لينظف جسده وفي
المعمودية غسيل من الخطايا. والماء مادة مناسبة يغطس فيها الإنسان ويخرج إشارة
للدفن والخروج أحياء مرة أخرى.
2) في الإفخارستيا الخبز والخمر. والخبز مادة مناسبة، فبالخبز يحيا الإنسان
جسديًا وحينما يتحول لجسد المسيح يحيا به الإنسان روحيًا. والخبز مادة لشبع الجسد
والخمر مادة للفرح. وحينما يتم التحول يصير الجسد
للشبع الروحي والدم مصدر للفرح الروحي.
3) الزيت راجع كتاب سفر الخروج (المواد المستخدمة في خيمة الإجتماع)
4) وفي سر الاعتراف يكون الخجل من الكاهن هو دافع لأن نخجل من الله. ثم ينطق الكاهن
بالحل إعلانًا لغفران الله للمعترف.
5) الزيت في مسحة المرضى لأن قديمًا كان الزيت يستخدم لعلاج
الجروح.
النعمة
غير المنظورة:
1. في سر المعمودية هي الولادة الجديدة من الماء والروح
وموت الإنسان العتيق والتجديد.
2. في سر الميرون هي سكنى الروح في الإنسان.
3. في سر التوبة هي غفران الخطايا.
4. في سر الكهنوت هي سلطان مغفرة الخطايا وإمساكها وممارسة الأسرار.
2- سر الإفخارستيا
سر الإفخارستيا أي سر الشكر ويسمى سر الشركة المقدسة
Holy Communion.
هو تسليم من الرب يسوع المسيح نفسه لتلاميذه. الرب يسوع هو
الذي أسسه يوم خميس العهد.
(مت26:26-30):
"وفيما هم يأكلون اخذ يسوع الخبز وبارك
وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي.واخذ الكأس وشكر
وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من
اجل كثيرين لمغفرة الخطايا. وأقول لكم أني من الآن لا اشرب من نتاج الكرمة هذا إلى
ذلك اليوم حينما اشربه معكم جديدا في ملكوت أبي.ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل
الزيتون."
(مر22:14-26): "وفيما هم يأكلون اخذ يسوع خبزا
وبارك وكسر وأعطاهم وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. ثم اخذ الكأس وشكر وأعطاهم فشربوا
منها كلهم. وقال لهم هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين. الحق
أقول لكم أنى لا اشرب بعد من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما اشربه
جديدا في ملكوت الله. ثم سبحوا ورجوا إلى جبل الزيتون."
(لو14:22-23): " ولما كانت الساعة اتكأ والاثني
عشر رسولا معه. وقال لهم شهوة اشتهيت أن أكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم. لأني
أقول لكم أني لا أكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله. ثم تناول كأسًا وشكر وقال
خذوا هذه واقتسموها بينكم. لأني أقول لكم أنى لا اشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي
ملكوت الله. واخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم إصنعوا هذا لذكري. وكذلك الكأس أيضًا بعد العشاء قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي
يسفك عنكم. ولكن هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة. وابن الإنسان ماض كما هو
محتوم ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه. فأبتداوا يتساءلون فيما بينهم من ترى
منهم هو المزمع أن يفعل هذا."
أمّا يوحنا فلم يورد في إنجيله
تأسيس السر ليلة خميس العهد لسببين:
1) كان
السر يمارس في الكنيسة حوالي سبعين سنة قبل كتابة إنجيل يوحنا.
فيوحنا كتب إنجيله حوالي سنة 100 ميلادية، فلم يجد داعٍ أن يشرح شيئًا تمارسه
الكنيسة كل هذه المدة. هذا فضلًا عن أن الأناجيل الثلاثة التي أوردت تفاسير السر كانت قد
انتشرت.
2) أورد
القديس يوحنا حديث السيد المسيح عن هذا السر في (يو 6) وكان هذا
تعقيبًا على معجزة الخمس خبزات.
(يو47:6-59): " الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله
حياة أبدية. أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو
الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي
نزل من السماء أن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أعطى هو
جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم. فخاصم اليهود بعضهم بعضا قائلين كيف يقدر هذا
أن يعطينا جسده لنأكل. فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم أن لم تأكلوا جسد ابن
الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية
وأنا أقيمه في اليوم الأخير.لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق. من يأكل جسدي ويشرب
دمي يثبت في وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني فهو
يحيا بي. هذا هو الخبز الذي نزل من السماء ليس كما أكل آباؤكم المن وماتوا من يأكل
هذا الخبز فانه يحيا إلى الأبد. قال هذا في المجمع وهو يعلم في
كفرناحوم."
وردد القديس بولس نفس المفهوم
(1كو15:10-22): "أقول كما للحكماء احكموا انتم في ما
أقول. كاس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح الخبز الذي نكسره أليس هو
شركة جسد المسيح.فأننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في
الخبز الواحد.انظروا إسرائيل حسب
الجسد أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبح.فماذا أقول أأن الوثن شيء أو أن
ما ذبح للوثن شيء.بل أن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله فلست
أريد أن تكونوا انتم شركاء الشياطين.
لا تقدرون أن تشربوا كاس الرب وكاس شياطين لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي
مائدة شياطين.أم نغير الرب ألعلنا أقوى منه."
(1كو23:11-31): "أنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا
أن الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ
خبزا. وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم إصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضًا بعدما تعشوا قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي
اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري. فأنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون
بموت الرب إلى أن يجيء. إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كاس الرب بدون استحقاق
يكون مجرما في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب
من الكأس. لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد
الرب. من اجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا حكمنا على
أنفسنا لما حكم علينا."
ويفهم من النص الأخير أن الرب هو الذي سلم بولس هذا السر.
والكنيسة باشرت منذ بدأت، من عصر الآباء الرسل هذا
السر. ويحفظ لنا التاريخ قداسات قديمة مثل قداس يعقوب الرسول أول أسقف لأورشليم.
ويقال أن هناك قداس كان يسمى عهد الرسل صلوا به معًا. وهناك قداس مرقس الرسول الذي
تطور إلى القداس الكيرلسي فيما بعد. وهذه القداسات تدل على
عظم السر وأهميته وقدمه، وأنه تسليم إلهي من المسيح نفسه.
وأهمية وعظم هذا السر تظهر من قول السيد المسيح "أن من يأكل.. ويشرب.. تكون له
حياة أبدية ويثبت في المسيح والمسيح يثبت فيه ويقيمه في اليوم الأخير"
(يو54:6)، وأن من لا يأكل .. ويشرب.. لا يكون لكم حياة فيكم (يو53:6) وأيضًا من
يأكل ويشرب له مغفرة الخطايا (مت28:26). ولذلك تصلى الكنيسة يعطي خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة
أبدية لكل من يتناول منه. وعلى الجانب الآخر فبولس الرسول يحذر من التناول من جسد الرب ودمه
لمن هو غير مستحق (1كو29:11،30). لذلك تصلى الكنيسة في القداس. (إجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول
من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا).
ولأهمية التناول قال القديسون (الذي يبقي طويلاً بدون
تناول تنتصر عليه الشياطين).
3- الاستعداد للتناول
1) بالصوم مدة لا تقل عن 9 ساعات على شرط أنه لا يكون قد أكل الإنسان بعد
الساعة الثانية عشرة لكي لا يبدأ اليوم مفطرًا. والصوم فيه تذلل وإنسحاق لكي ننال
النعمة. وموسى صام قبل أن يأخذ كلمة الله. ونحن نصوم قبل
أن نتناول من جسد الله الكلمة.
2) بطهارة النفس وذلك بالتوبة والإعتراف، وبدون هذا يكون الإنسان غير مستحق
للتناول. وإشارة لذلك غسل الرب أرجل تلاميذه رمزًا للطهارة اللازمة لهم قبل
التناول.
3) بطهارة الجسد (الإستحمام ولبس ملابس نظيفة والإبتعاد عن
كافة النواحي الجنسية).
4) التصالح مع كل إنسان والغفران للناس"إن تذكرت أن
لأخيك شيئًا عليك إذهب أولًا واصطلح"
· ولهذا كله يقول الكاهن قبل التناول القدسات للقديسين. ويسمى القداس الذي يقدس السرائر الإلهية قداس القديسين.
· والاستعداد فيه 1) جوانب سلبية أي عدم فعل
الشر.
2) جوانب إيجابية أي نكون نورًا للعالم بفعل الخير.
· وبقدر ما يكون الإنسان أمينًا في توبته وجهاده بقدر ما
يستفيد من التناول، فلا يخرج كما دخل. فللأسف هناك من يأخذون الأمر كعادة
ويتناولون بلا إستعداد.
· ومع كل هذا فلا يوجد إنسان واحد مستحق تمامًا
لهذا السر.
4- الإفخارستيا
الكلمة تعني الشكر. وهكذا فعل السيد المسيح أن أخذ خبزًا وشكر وأخذ كأسًا وشكر
(لو19:22+ مت27:26)
المسيح كان يشكر الآب كرأس
للكنيسة على الحياة التي أعطاها الله للإنسان، ولما فقد الإنسان الحياة، تجسد
المسيح وأعطانا جسده نأكله فنحيا للأبد. فالشكر هنا هو على الحياة التي أعطاها
الله لنا وأعادها لنا بعد أن فقدناها. لذلك يصلي الكاهن في القداس (قدوس قدوس قدوس.. الذي جبلنا وخلقنا
ووضعنا في فردوس النعيم. وعندما خالفنا وصيتك بغواية الحية سقطنا من الحياة
الأبدية.. فلم تتركنا.. وفي آخر الأيام ظهرت لنا نحن الجلوس ..) [ثم تأتي صلوات
التقديس ويتم تحول الخبز إلى جسد والخمر إلى دم] ويصلي الكاهن (يُعطى لغفران الخطايا وحياة أبدية لمن
يتناول منه) فالله أعاد لنا الحياة الأبدية بفداء إبنه وبهذا السر.
والشكر نجده ليس فقط في كلمة
وشكر التي قالها السيد عند تأسيس السر، بل بعد تأسيس السر "سبح الرب مع
تلاميذه" (مت30:26) والسيد شكر بالنيابة عنا وكرأس لجسد الكنيسة، إذ اننا لا ندرك ما حصلنا عليه تماما،
فنحن لا ندرك سوى عطايا الله المادية، نشكره إن أعطاها لنا . أما بالنسبة لعطية
الحياة فنحن لم نتعود ان نشكر الله عليها إذ لا نفهم ما حصلنا عليه .
والكنيسة
بنفس هذا المفهوم:
1) تسبح تسابيح كثيرة قبل صلاة رفع بخور باكر ورفع بخور عشية (يصليها الشعب)
2) تسبح بالمزمور الخمسين وغيره أثناء التوزيع (يصليها
الشعب)
3) تردد صلاة الشكر مع صلوات الأجبية
في عشية وباكر ووقت القداس (يصليها الشعب)
4) تردد صلاة الشكر في بداية صلاة رفع بخور العشية ورفع بخور باكر (يصليها الكاهن)
5) تصلى صلاة الشكر بعد تقديم الحمل (يصليها الكاهن)
6) يبدأ القداس بعد صلاة الصلح بقول الكاهن "فلنشكر الرب" (يصليها الكاهن)
7) تردد الكنيسة بواسطة الكاهن نفس كلمات السيد الرب على الخبز وعلى الخمر وشكر وبارك وقدس.
نضيف إلى ذلك أن الإنسان حين يود
أن يشكر إنسان آخر يقدم له هدية. وماذا نقدم لله. فالله هو الذي أعطانا كل شئ،
ونحن إذا أردنا أن نقدم شيئًا لله فنحن نقدم له مما سبق وأعطانا (1أي14:29)
"لأن منك الجميع ومن يدك أعطيناك". وأعظم ما قدمه لنا الله هو عطية الإفخارستيا "جسد ودم ابنه" فنحن في القداس نقدم لله أعظم ما يمكن تقديمه كشكر على كل
ما أعطانا، نقدم ونرفع لله هذه الصعيدة التي هي جسد ودم إبنه.
ورأينا السيد الرب عند تأسيس
السر يشكر أولًا وبعد تأسيس السر يسبح مع تلاميذه [كان اليهود بعد الأكل من الفصح يسبحون بمزامير تشير لفداء المسيح]. وكان شكر الرب يسوع وتسبيحه (هو كرأس للكنيسة يقود التلاميذ للتسبيح كما
يقود الرأس الإنساني أعضاء الجسم) علامة فرحه الناشئ عن محبته للبشرية التي سيعيد
لها الحياة بفدائه وبواسطة هذا السر، لذلك يقول الكتاب "إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم،
أحبهم إلى المنتهى، فحين كان العشاء" (يو1:13،2).
وهذا السر يمكن تشبيهه بمريض
مصاب بمرض في الدم يؤدي به للموت، ولهذا يحتاج لعملية نقل دم مستمر. ونقل الدم
والدم حياة، هي عملية نقل حياة. وبنفس المفهوم نحن وُلدنا من المعمودية ولادة جديدة لكن حياتنا في العالم
تصيبنا بمرض الخطية القاتل فالخطية = موت. لذلك نحن نحتاج للتناول لنقل حياة من
المسيح لنا نحن الموتي روحيًا بالخطية.
- الله خلق الإنسان للخلود، فهو كان يمكنه أن يأكل من شجرة
الحياة، لكنه أكل من شجرة معرفة الخير والشر، وبسبب هذه الخطية إنفصل عن الله
فمات. ولكي يستعيد الإنسان الحياة صار اللوغوس إنسانًا وإتحد بجسد قابل للموت .
ولأن جسده متحد بلاهوته كان هذا مناعة ضد الفساد وحياة لمن يتناول منه. صار جسده
جسدًا محييًا حياة ابدية وطريقًا للقداسة.
- وبالفداء غفرت الخطايا.
- وبالإفخارستيا إمتزج بأجسادنا بواسطة جسده
المقدس ودمه الكريم.
وهكذا
صارت لنا شركة جسد المسيح ودمه حياة وقداسة.
حياة
* من يأكلني يحيا بي (يو57:6)
قداسة *
عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد (1تي16:3)
ولأنه أعطانا حياته قال بولس الرسول "لي الحياة هي المسيح" (في21:1)
ولأن المسيح فينا بحياته فإننا
نقوم بالضرورة. صارت حياته فينا كبذرة خلود. فكل من يمتنع عن هذا السر يمنع نفسه
عن الحياة الأبدية وعن التقوى والقداسة. وعلينا أن لا نتساءل كاليهود "كيف يستطيع هذا أن يعطينا جسده لنأكل"
(يو52:6)
- ومن يتناول يثبت في المسيح والمسيح يثبت فيه (يو56:6).
وبذلك فكل منا يتحد بالمسيح ويثبت فيه فنكون كلنا متحدين بعضنا ببعض "جسد
واحد" (أف4:4)
- وجسد المسيح محيي لأنه متحد بلاهوته. فالحياة التي في
المسيح حين تتلامس معنا تعطينا حياة. كما أن النار إذا تلامست مع ماء تجعله يسخن.
وهكذا أعطى السيد الحياة للموتى بكلمته وباللمس. وبلعابه (جسده) شفى أصم وأعقد
(مر32:7-35).
- والله حتى لا نجزع إذ نأكل لحمًا ونشرب دمًا،
أبقى على الشكل الظاهري للخبز والخمر.
5- رموز سرّ الإفخارستيا في العهد القديم
1) ملكي صادق: وهذا كان كاهنًا لله العلي وأخرج خبزًا وخمرًا.. (تك18:14) وكهنوت المسيح كان على هذا الطقس (مز4:110). وليس
على الطقس الهاروني الذي يقدم ذبائح حيوانية. وذبيحة هرون الدموية كانت ترمز لذبيحة الصليب، وتقدمة ملكي صادق هي غير دموية تشير
لذبيحة الإفخارستيا. وملكي صادق لم يكن له نسل وكهنة
تسلموا منه بخلاف هرون الذي مات وتسلم أولاده بعده وذلك إشارة لأن كهنوت المسيح باقي للأبد. فذبيحة المسيح قدمت مرة
واحدة ولن يصلب المسيح ثانية ولكن الإفخارستيا هي ذبيحة لا ينقطع تقديمها للأبد.
2) (إش19:19-21): "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر.. ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم
ويقدمون ذبيحة وتقدمة". ها نحن أمام ذبيحة ومذبح في مصر وهما ليسا ذبائح ومذبح يهوديين. فبحكم
الشريعة لا يمكن إقامة مذبح للرب خارج أورشليم (تث5:12،11،13،14،18). إذًا هو المذبح المسيحي والذبيحة هي الإفخارستيا.
3) (ملا11:1): "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها إسمي عظيم بين الأمم وفي
كل مكان يُقرًّب لإسمي بخور وتقدمة طاهرة" والتقدمة سيقدمها الأمم وفي كل
مكان، إذًا هي ليست تقدمة يهودية بل الإفخارستيا.
4) ولذلك سيكون هناك كهنة من بين الأمم ليقدموا هذه التقدمة (إش20:66،21).
ويقول الرب "لأن بيتي بيت الصلوة يُدعى لكل الشعوب" (إش7:56) وإرمياء أطلق على هذا إسم "العهد
الجديد" (إر31:31)
5) (إر17:33،18+ 20،21): "لأنه هكذا قال الرب. لا ينقطع لداود (المقصود
المسيح ابن داود) إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. ولا ينقطع للكهنة اللاويين إنسان من
أمامي يصعد محرقة ويحرق تقدمة ويهيئ ذبيحة كل الأيام" هذه لا تنطبق على اليهود الذين توقفت ذبائحهم بعد خراب الهيكل سنة
70م. إذًا هذه النبوة عن كنيسة المسيح.
6) من رموز الإفخارستيا المن الذي نزل من السماء وخبز الوجوه، لكن من أكل من هذا مات أما من يأكل من جسد المسيح
فيحيا للأبد.
7) (أم1:9-5): الحكمة (المسيح أقنوم الحكمة) (1كو24:1) بنت بيتها (الكنيسة). نحتت أعمدتها السبعة. ذبحت ذبحها مزجت
خمرها (الإفخارستيا) أيضًا رتبت مائدتها.
8) (مز5:23): "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقيَّ" فقبل المسيح كان الشياطين مضايقو الإنسان يعدون له موائد خاطئة
تشبع غرائزه وتقتله، أما المسيح فاعد لنا مائدة مشبعة تعطينا حياة أبدية. والان
فحين يشتكى علينا الشيطان المشتكى بأن لنا خطية تستوجب موتنا، يجد المسيح قد
اعطانا هذه المائدة غفرانا للخطايا.
9) كانت كل الذبائح في العهد القديم (الفصح في سفر الخروج والمحرقة والخطية والإثم والسلامة
وتقدمة الدقيق في سفر اللاويين والبقرة الحمراء في سفر العدد) تشير لذبيحة الصليب. كل ذبيحة منها تشير لجانب من جوانب ذبيحة
الصليب. لكن ذبيحة السلامة بالذات تشير لذبيحة الإفخارستيا فالكل كان يأكل منها (راجع تفسير الذبائح في أماكنها بكل سفر)
10) (خر11:24): "فرأوا الله وأكلوا وشربوا" كما
أكل التلاميذ وشربوا أمام المسيح.
6- رموز سر الإفخارستيا في العهد الجديد
أما في العهد الجديد فهناك معجزة
الخمس خبزات والسمكتين التي وردت في الأربعة الأناجيل لأهميتها، بل هي المعجزة الوحيدة التي
وردت بالأربعة أناجيل. وهذه المعجزة تشير لسر
الإفخارستيا وبها أراد السيد المسيح أن يغير أفكار الناس ليطلبوا الخبز
السماوي بدلًا من الأرضي. فنسمع هنا أن السيد المسيح "أخذ الأرغفة وشكر"
(يو11:6) ووزع على التلاميذ، والتلاميذ أعطوا المتكئين ونلاحظ:-
1. المسيح شكر إشارة لما سيحدث في سر الإفخارستيا المشبع للعالم كله.
2. المسيح يعطي للتلاميذ (الكهنوت في الكنيسة) والتلاميذ يعطوا للناس.
3. خمسة
أرغفة وخمسة آلاف. ورقم (5) يشير للنعمة ورقم (1000) يشير للسمائيات. ولذلك فهذه
المعجزة تشير لأن المسيح أتى لخاصته اليهود، كان في هذه المعجزة يشير لأنه يشبع خاصته
اليهود الذين سبق وأفاض عليهم بنعمته. ومن يشبع
يحيا في السمائيات. وتبقى 12 قفة مملوءة تشير لشعب الله في كل زمان وفي كل مكان.
فرقم 12= 3×4 هم المؤمنين بالله في كل العالم. لذلك كان العهد القديم مكون من 12
سبط والعهد الجديد مكون من 12 تلميذ. والسمكة (إخثيس باليونانية) مكونة من
خمس حروف (إ خ ث ى س) وهي الحروف الأولى للعبارة (يسوع المسيح إبن الله مخلصنا).
وكانوا سمكتين فرقم (2) يرمز للتجسد. فالمسيح بتجسده جعل الإثنين واحدًا (أف14:2)
ثم قام السيد المسيح بعمل معجزة شبيهة لعدد (4000) عن
طريق 7 خبزات وتبقى 7سلال. والمعنى أن رقم (4) يشير للعالم. والمسيح أتى ليشبع
العالم كله من الأمم. ورقم 7 يشير للسبع كنائس.
ومعنى المعجزتين أن المسيح أتى
لكل العالم يهود وأمم.
ويضيف بولس الرسول ملحوظة مهمة. أن الشعب كله عبر البحر الأحمر (إعتمدوا) وأكلوا من المن (تناولوا)
ولكن أغلبهم مات في البرية. إذًا فلنفحص أنفسنا هل نحن مستحقين للتناول
(1كو1:10-11 + 1كو6:5-8) فما نأكله هو جسد حقيقي، قال عنه السيد الرب "جسدي
مأكل حق.." (يو55:6،56) وحق تعني الشئ الذي لا يتغير ولا يزول وهذا ليس سوى
الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب
الأخرى). فما أرهب ما نتناوله.
إن سر الإفخارستيا هذا هو الذي
حافظ على الكنيسة عبر العصور بسبب وجود المسيح وسطها
دائمًا، فهو وسط كنيسته كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر (مت20:28) وكثير من الكنائس
التي أنكرت هذا السر ضاعت مع الأيام. فالكنائس ليست فقط تعاليم بل هي حياة يسكبها
المسيح على كنيسته فتحيا، لذلك فالإفخارستيا هي سر الأسرار جميعًا، وهي المنبع
الدائم الذي تنسكب منه حياة المسيح في الكنيسة على مر الأزمان وبه نتحد كلنا كشعب
للمسيح جسد واحد وخبز واحد (1كو7:10) فكل إنشقاق هو ضد الوحدة التي جاء المسيح
لأجلها (يو20:17-23).
7- القداس
يتم سر الإفخارستيا عن طريق:
1. كاهن شرعي.
2. صلوات القداس.
3. مادتي السر أي الخبز والخمر.
4. وجود شعب (أقل عدد 3) فهو سر الشركة.
5. وجود لوح مقدس (مدشن) أو في كنيسة مدشنة.
الكاهن عمله الأساسي تقديم الذبيحة (أعطيتني هذه
الخدمة المملوء سرًا) (القداس الغريغوري).
وكلمة قداس هي باللغة العربية وبالقبطية (أنافورا) وباليونانية (إفخولوجيون) ويسميها اللاتين (ليتورجيا).
وليتورجيا أصلاً هي كلمة يونانية الأصل ومعناها الحرفي
(ليتوس)= عمومي + (أرجون)= عمل. والمعنى عمل عمومي. وصار معناها الخدمة الإلهية.
وكان يراد في العهد القديم بالليتورجيا الخدم التي يقوم بها الكهنة واللاويون في
الهيكل لتمجيد إسم الله والإقرار بلاهوته وإشهار عبادته. أما في العهد الجديد فقد
خصصت لأن تكون إشارة لخدمة القداس ولاسيما عند الشرقيين الذين إستعملوها
للدلالة على ترتيب النظام الطقسي والصلوات وخدمة القداس.
وبهذا تصبح الليتورجيا أو القداس هي مجموعة من الصلوات والتضرعات
والإبتهالات تتلى وقت الخدمة الإلهية وتقديس الأسرار الإلهية، وغرضها تقديس سر الإفخارستيا المعروف بالعشاء الرباني أو
العشاء السري الذي يتكون من خبز وخمر ويتحولان بقوة وفعل الروح القدس وبواسطة تلك الصلوات إلى جسد الرب
ودمه.
وأول من ألف صلوات للقداسات هم الرسل كما إستلموها من الرب يسوع نفسه وكان هناك قداسات كثيرة ألفها بطاركة وأساقفة، ثم
فضلت الكنيسة القبطية أن تلتزم بثلاثة قداسات فقط هم:
1) القداس الباسيلي لواضعه القديس باسيليوس الكبير.
2) القداس الغريغوري لواضعه القديس غريغوريوس الثاؤلوغوس (المتكلم بالإلهيات)
وكان أسقفًا للقسطنطينية.
3) القداس الكيرلسي وواضعه الحقيقي القديس مرقس الرسول ثم زاد عليه القديس كيرلس الكبير.
بينما نجد لدى الأحباش 12 ليتورجيا.
ولإيمان الكنيسة بأن الموجود على المذبح هو جسد الرب يسوع، تنبه الكنيسة على لسان الشماس:
1. للصلاة
قفوا.
2. قفوا
بخوف الله.
3. اسجدوا
لله بخوف ورعدة.
وكل نداء بحسب الوضع، أي هل تمت
إستحالة الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه أم هي للخشوع أم هي
للصلاة.
القداس هو فترة نحياها في السماء
بوجود السيد الرب وسطنا في الكنيسة تصير الكنيسة سماء. لذلك يصرخ الكاهن (ارفعوا قلوبكم) إلى السمائيات التي أنتم
فيها وكفوا عن التفكير في الأرضيات وصارت الملائكة تملأ الكنيسة لذلك يصلي الكاهن في القداس الغريغوري قائلاً(الذي ثبت قيام صفوف غير
المتجسدين في البشر).
ولذلك تصور البعض أن الناس في القداس هم في كنيسة بلا سقف يحجب عنهم السماء
وبلا حوائط تحجب عنهم باقي الكنائس، فالمسيح موجود في كل كنيسة بجسده ودمه، وبلا
أرض فلقد إرتفعنا للسمائيات، فحيث يوجد المسيح يصير هذا المكان سماء. لذلك يأتي
المؤمنون للكنيسة كوطن سماوي لهم، وعريسهم في وسطهم. وكل ما فقدوه خلال الأسبوع من
سلام ونور وحق وحياة يستردونه في هذه اللحظات التي يحيونها في السماء.
ولأننا واقفين أمام الله في السماء نذكر أسماء أحبائنا
الراقدين، فهم أمام الله في السماء، ونحن أمام الله في السماء غير أننا لا نراهم
بعيوننا.
ونلاحظ في القداس أنه يبدأ بصلاة الصلح. والصلح تم بين الناس وبعضهم، وبين
الأرضيين والسمائيين (صلاة الصلح في القداس الغريغوري). وبناء على هذا
الصلح يرسم لنا الكاهن صورة للسماء حيث الله على عرش مجده وحوله الملائكة والشاروبيم والساروفيم يسبحون قدوس قدوس قدوس. ويرد الشعب مسبحين
مع الشاروبيم والسارافيم بنفس تسبحتهم. لقد صار الكل
في السماء مسبحين الله. فالملائكة تأتي لتشترك معنا في التسابيح ونحن نشترك معهم
في تسابيحهم.
8- الخلافات مع الأخوه البروتستانت بخصوص سر
الإفخارستيا
بدأ من القرن الثامن ظهور هرطقات تنكر حقيقة التحول وهي
مستمرة للآن وسط الكنائس البروتستانتية فهم يقولون أن الخبز والخمر يظلان بعد التقديس خبزًا بسيط وخمرًا
بسيطة. وليسا هما سوى إشارة وصورة ورمزًا مثالًا لجسد المسيح ودمه. ولنلاحظ:
أ.
السيد المسيح قال "جسدي مأكل حق ودمي مشرب
حق" فكيف ننكر هذه الشهادة وراجع كل إصحاح (6) من إنجيل يوحنا مثلًا "من
لم يأكل جسدي ويشرب دمي فليس له حياة أبدية" فهل كان الرب يقصد أن هذا رمز،
وإذا كان يقصد فلماذا لم يوضح هذا، بل أنه عندما إنصرف كثيرين عنه بسبب هذه
الأقوال، قال يسوع للإثنى عشر "ألعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا
(يو66:6،67). وكان أسهل على الرب أن يقول، أنتم لم تفهموا فما أقوله كان مجرد رمز،
لكنه أصر على كلامه، ومن أراد أن يمضي فليمضي، ولكن هذا هو الحق، ومن أراد أن يقبل
فليقبل.
ب. هل كان المسيح سيتكلم بألغاز وأمثال ليلة صلبه.
ج.
الكنيسة كلها بأبائها فهمت أن ما يقدم هو جسد
المسيح ودمه، وهكذا فهمه بولس الرسول (1كو10،11).
د.
يقول المعترضون أن المسيح حين
يقول "الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي" (يو51:6) كان يقصد الإيمان به، فهل
كان التلاميذ لم يؤمنوا به بعد. ولاحظ أن المسيح كرر نفس الكلام ليلة تأسيس السر،
بأنه يعطيهم جسده ودمه، فهل كانوا مازالوا غير مؤمنين به.
ه. مارتن لوثر نفسه آمن بأن السر يحول الخبز إلى
جسد.
و.
قالوا أنه مجرد ذكرى لما فعله
المسيح إذ قال "إصنعوا هذا لذكري". والشيء لا يكون تذكارًا
لنفسه. فما يقدم هو خبز بسيط تذكارًا لما صنعه المسيح والرد:
1. كان
طاس المن في تابوت العهد تذكارًا ويحوي منًا حقيقيًا (خر32:16-34) وهكذا أخذ يشوع
من حجارة نهر الأردن تذكارًا لمرورهم فيه (يش1:4-24)
2. "المسيح
فصحنا الجديد ذِبحَ لأجلنا" (1كو7:5). وكما كان اليهود يعيدون بذبح خروف الفصح ليذكروا ما عمله الله معهم في مصر. هكذا نقدم ذبيحة الإفخارستيا دائمًا على المذبح لنعيد ما صنعه يسوع بأن مات لأجلنا.
3. المسيح
كان يتكلم والفصح على الأبواب. فكما كانوا يقدمون الفصح سنويًا مكررين نفس ما حدث
ليلة الخروج من مصر، هكذا يطلب المسيح بقوله "إصنعوا هذا لذكري" أن تقدم الكنيسة ذبيحة جسده دائمًا على مذابح الكنائس،
ويبطل تقديم خروف الفصح الذي كان مجرد رمز. لذلك قال الكتاب "ويكون لكم هذا اليوم تذكارًا فتعيدونه
عيدًا للرب. في أجيالكمم تعيدونه فريضة أبدية" (خر14:12). وتذكارًا هنا هي
نفسها لذكري، هما كلمة واحدة. فكما كانوا يكررون ما حدث ليلة خروجهم من مصر بأن يذبحوا خروف الفصح ويأكلون فطير فالعجين
كان لم يختمر، ويأكلونه وهم متمنطقين. هكذا تصنع الكنيسة وتكرر نفس ذبيحة الإفخارستيا كل يوم على مذبحها. وكما كان الرب
يقصد أن يكرر اليهود ما فعلوه ليلة خروجهم من مصر، هكذا تكرر الكنيسة ما فعله الرب يسوع ليلة خميس العهد.
4. إصنعوا
هي كلمة طقسية تفيد تكرار الطقس "هكذا تعمل للثور الواحد (عد11:15) وتعمل هنا
هي نفسها تصنع. وكذلك "وتصنع لهرون وبنيه هكذا بحسب كل ما أمرتك (خر35:29).
إذًا إصنعوا هذا تعني تكرار لطقس محدد صنعه الرب يسوع معهم في تلك الليلة. وبولس في (1كو11) يردد أنه يصنع ما تسلمه من الرب يسوع (قد
يكون تسلمه من التلاميذ الذين تسلموا كيف يصنعون السر من الرب يسوع، وقد يكون
تسلمه من الرب يسوع مباشرة).. فإنكم كلما أكلتم= وكلمة كلما تفيد تكرار صناعة هذا
السر (1كو23:11-26)
ز.
هل لو كان الخبز والخمر مجرد خبز بسيط وخمر بسيط، كانا يسببان
المرض والموت لمن يأكل ويشرب بغير استحقاق (1كو29:11،30) ويكون "غير مميز جسد
الرب" ويكون "مجرمًا في جسد الرب ودمه" ولماذا لم يقل بولس الرسول يكون مجرمًا فيما يرمز إليه الخبز والخمر. إننا لا نجد أي إشارة في الكتاب لموضوع الرمز هذا.
ح.
الرسول يقول خبز وخمر (1كو11)
لأن هذا هو ما يظهر أمام أعيننا. وهكذا قيل عن الماء المتحول خمرًا في عرس قانا الجليل "فلما ذاق رئيس المتكأ
الماء" (يو9:2)
ط.
هكذا قال عنها بولس الرسول أنها ذبيحة فهي تقدم على مذبح، إذ
قال "لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون المسكن أن يأكلوا منه" (عب10:13)
فإذا كان هناك مذبح فهناك ذبيحة. وهذه الذبيحة نأكل منها لنحيا.
هذه الذبيحة هي عينها التي قدمت على الصليب، لأن الذي يقدم على المذبح الآن هو حمل الله نفسه الذي قدم ذاته على الصليب لأجل خطايا العالم. والمسيح صلب مرة واحدة
ولن يصلب ثانية (عب25:9+ عب1:10-3 + 11،12). قدم المسيح نفسه ذبيحة دموية على الصليب، وفي الإفخارستيا تتم الإستحالة بطريقة
سرية بدون هرق دم ولا موت، لذلك تسمى ذبيحة غير دموية. وهذا بالضبط ما عمله المسيح
ليلة خميس العهد.
على الصليب حصل الخلاص للجنس البشري ووفي العدل
الإلهي. وفي الإفخارستيا فيها إستعطاف دائمًا للصفح عن خطايا
الذين قُدمت لأجلهم فينالوا حياة أبدية بالتناول منها. ذبيحة الصليب وذبيحة الإفخارستيا هما ذبيحة واحدة. ولأن
الذبيحة تقدم للإستغفار تذكر الكنيسة الراقدين طالبة الرحمة لهم.
أما الكاثوليك فهم يعترفون بأن سر الإفخارستيا يتم فيه
التحول إلى جسد ودم المسيح. لكن لنا معهم بعض الخلافات:
1. هم
يقدمون فطيرًا بدلاً من الخبز المختمر (راجع الرد في كتب الأناجيل- الكتاب الرابع- أسبوع الآلام)
2. هم
يناولون الجسد فقط. بينما أن السيد المسيح قدم لتلاميذه الجسد والدم كلٌ على
حدة. وهكذا نفهم من (1كو11). في هذا حكمة فنحن نتناول الجسد المكسور أولاً وبهذا
نعلن أننا نقبل أن نموت مع المسيح، كأننا نقول مع المسيح صلبت.. ثم نتناول الدم
والدم حياة. فمن يصلب نفسه مع المسيح يحيا مع المسيح. مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا
بل المسيح يحيا فيّ (غل20:2). نموت عن الخطية ونحيا للمسيح.
3. هم لا
يناولون الأطفال فلماذا؟ والتناول فيه حياة وقيامة في اليوم الأخير وثباتًا في
المسيح وغفرانًا للخطايا. فلماذا نحرم أطفالنا من كل هذا. وهم يقولون لأن الأطفال
لا يفهمون، ولكن الأطفال لا يفهمون المعمودية أيضًا فلماذا يعمدونهم.
9- ممارسة الكنيسة الأولى لسر الإفخارستيا حسب سفر الأعمال
"وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر
الخبز والصلوات وصار خوفٌ في كل نفس" (أع42:2،43)
يواظبون= يكرسون أنفسهم لعمل ما بإنتظام. فكانوا يجتمعون
في مكان معًا للصلاة ولممارسة السر.
تعليم الرسل= وهذا ما تمارسه الكنيسة الآن، فالكنيسة تقرأ لشعبها البولس والكاثوليكون والإبركسيس والمزامير والأناجيل والسنكسار في كل قداس، وتلقي على شعبها العظات.
ويستحيل أن تقوم ليتورجيا بدون خدمة الكلمة، فهذه تنقي "أنتم
الآن أنقياء من أجل الكلام الذي كلمتكم به" (يو3:15). وحتى هذا الجزء من القداس كان يسمى قداس الموعوظين، الذي يصرح فيه للموعوظين (الذين
يستعدون للعماد) بالحضور ثم يخرجوا. وطبعًا كان المؤمنين المعمدين يحضرون كل هذا
لكنهم يستمرون. وبنفس الطريقة كان بولس يخاطب الشعب قبل كسر الخبز (أع7:20). وكانت رسائل الرسل
تتلي على المصلين قبل القداس في حالة عدم حضور الرسل.
الشركة= هي ولائم المحبة التي يأكلون فيها معًا في محبة.
وهذه أشار لها بولس الرسول (1كو20:1-22) وأنَّب بولس أهل كورنثوس على عدم محبتهم في أثناء هذه الولائم. وأشار لهذه
الولائم يهوذا الرسول (يهـو12). وكذلك بطرس الرسول (2بط13:2). وما تبقى من هذه العادة
توزيع لقمة البركة والقرابين في نهاية القداس. وكان هذا الطقس يسمى أغابي أي
ولائم محبة. ولقمة البركة التي نأكلها الآن بعد القداس هي إعلانًا للمحبة التي تجمع الشعب معًا.
ولأن الناس أساءوا التصرف في هذه الولائم إنفصل طقس الأغابي عن طقس الإفخارستيا إحترامًا للسر.
كسر الخبز= هو سر الإفخارستيا الذي قال عنه بولس "الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح"
(1كو16:11)
الصلوات= تشمل الشكر والتسبيح بالمزامير فهم فرحين بوجود المسيح بجسده ودمه
وسطهم.
صار خوفٌ في كل نفس= هو خوف مقدس ومخافة لله، هم في محضر
الرب، هم يتممون خلاصهم بخوف ورعدة (في12:2) ولهم يقين بحضور الرب وسطهم. لذلك
يصرخ الشماس الآن "قفوا بخوف الله" +
"اسجدوا لله بخوف ورعدة" وذلك لأن الله حاضر.
ومن الطقوس التي كانت تصاحب السر
1) عطايا
الشعب (من خبز وخمر وخلافه) وما يأتون به لعمل الأغابي. وأوشية القرابين هي لطلب البركة لكل من قدم شيئًا.
ويصلي أوشية القرابين أكبر رتبة كهنوتية تقديرًا لمن
قدم شيئًا.
2) تقديم
الأموال عند إجتماع الشعب في أول كل أسبوع لخدمة الفقراء (عب16:13 + 1كو1:16 +
2كو8،9 + رو13:12)
10- كلمات إفخارستيَّة
في تقديس القرابين يردد الكاهن نفس الكلمات التي قالها الرب يسوع ليلة تأسيس سر العشاء الرباني.
وشكر
الشكر هو على الحياة التي أعطاها
الله للبشر في فردوس النعيم ولما فقدوها إذ أخطأوا ها هو يعيدها لهم بالفداء وبسر
الإفخارستيا. والمسيح يشكر وهكذا سبح بعد السر كرأس للكنيسة والكنيسة أعضاء جسده. وهكذا هو كرأس يقود أعضاء
الجسد في الشكر والتسبيح حيث أننا لا نستطيع أن نفهم ما حصلنا عليه من حياة أبدية
بهذا السر.
بل نحن
غير قادرين أن نعبر عن شكرنا بطريقة مناسبة. فالقلب مشوش وغير قادر على حب الله
لأن العالم يشغلنا. ولا توجد طريقة يمكن بها أن نحب الله، فيكون الشكر من القلب
سوى أن نتحد بالمسيح، أي نكون في المسيح بحسب تعبير بولس الرسول. بل نجد أن بولس حتى يرسل محبته ويعبر عنها لأهل كورنثوس
فيقول:
"محبتي
مع جميعكم في المسيح يسوع" (1كو 16: 24) وذلك حتى لا تكون
محبة غاشة كقبلة يهوذا مثلًا. وكما أن المسيح مات وقام لنموت نحن
فيه ونقوم بالمعمودية فتكون لنا حياته، نجده هنا يشكر لأنه
حين نكون فيه يمكننا أن نعبر عن شكرنا لله بمحبة صادقة. فلا أحد يعرف الآب إلا
الابن (لو 10 : 22)، وحتى نعرف إرادة الآب ومشاعره نحونا وعطاياه لنا، وحينئذ
يمكننا التعبير عن شكرنا يجب أن نكون في الابن. ولكن كيف يحدث هذا؟ هذا معنى كلمة
وبارك آلاتية:
وباركه
بارك هي كلمة عبرية تعني الأقوال
الحسنة. لذلك يقول السيد المسيح "باركوا لاعنيكم"
(مت44:5) وهذه تعني.. لا تتكلموا عليهم كلامًا سيئًا بل كلامًا حسنًا. وبنفس
المفهوم يقول بولس الرسول "باركوا على الذين يضطهدونكم.
باركوا ولا تلعنوا" (رو14:12) وحينما يبارك الإنسان الله فهذا يعني أنه يتكلم
عنه كلام حسن وصالح أي يسبحه ويشكره ويعظمه، وهذا أقصى ما يستطيعه الإنسان أن يقدم
لله كلامًا بالقلب أو باللسان ويسمى ذبيحة تسبيح (عب15:13) إذا صاحبها انسحاق
وتذلل ونقول في القداس " نسبحك نباركك...". أما
حين يبارك الله الإنسان، حينئذ يتكلم الله كلامًا حسنًا على هذا الإنسان ويقترن
بالكلام الحسن فعل مادي، فالله حين بارك إبراهيم أكثر من الماديات التي أعطاها له. وعلى
الإنسان حين يعطيه الله بركة أن يحافظ عليها ويمجد الله بها. والله بارك في مياه
النيل لأجل الأنبا بولا. والعكس فحين يغضب الله على إنسان
بسبب خطيته تصيبه اللعنة. فاللعنة هي انعدام البركة. والله أعطى الكهنة أن يباركوا
الشعب قائلين "يباركك الرب ويحرسك.. (عد22:6-27) ولاحظ أن الكاهن يردد إسم الله في البركة، فالذي يبارك
حقيقة هو الله. والكاهن حين ينطق بالبركة فالله يبارك. ولذلك يصلي
الكاهن في القداس ليبارك الله في الزروع والعشب..
وبركة الإنسان لله هي تسبيح له
ومثال لذلك "باركي يا نفسي الرب ولا تنسي جميع حسناته." (مز1:103-5)
فبركة الإنسان لله هي خدمة إلهية وشكر وتسبيح واعتراف وتمجيد. وحين يسمى الكتاب الله بالمبارك، فهذا يعني الله المستحق كل
تسبيح وتمجيد وتعظيم. لذلك سأل رئيس الكهنة يسوع قائلًا "أأنت المسيح إبن
المبارك" (مر61:14). وأيضًا مبارك أنت يا رب (مز12:119). وبهذا نفهم أن الله
يسمى بالمبارك:
1. فهو مصدر كل بركة.
2. هو مستحق أن يباركه كل إنسان أي يسبحه.
ونحن نبارك الله على أعظم بركة
أعطاهها لنا وهي سر الإفخارستيا.
والله حين بارك الخمس خبزات
تحولت بفعل إعجازي لوفرة من الطعام وأشبعت الجموع فكلمة الله حية وفعالة ولها عمل واضح
لخير من يرضي الله عليه.
في العهد القديم كانت بركة الله
مادية (زيادة في الغلة والمسطار والمواشي..) وفي العهد الجديد هي بركة روحية، هي
طعام سمائي وشراب إلهي في سر جسد المسيح ودمه فيعطي للإنسان حياة أبدية.
وحين أمسك الرب يسوع بالخبز ليلة العشاء السري وباركه، كان لهذه الكلمة فعل
في تحويل الخبز إلى جسد يعطي حياة.
فالإنسان حين يبارك لا يستطيع
إلاّ أن يقول كلامًا. أما المسيح حين يبارك فهو يفعل ويعطي حياة، يحول الخبز إلى
جسده. لذلك قال لتلاميذه خذوا كلوا هذا هو جسدي.
وأمام هذا العمل العجيب لا يسع
الإنسان إلاّ أن يبارك الله ويسبحه ويشكره لذلك سبح المسيح مع تلاميذه بعد إتمام
السر ليعلمنا ويعلم الكنيسة كلها في كل زمان وكل مكان أن تسبح الله
على بركته التي أعطاها للبشر.
ولذلك فهذا السر هو سر الشكر
الذي فيه تشكر الكنيسة الله على ما أعطاها، على سر الحياة.
وتقدم لله أعظم عطاياه ألا وهو جسد ودم إبنه على المذبح.
وقدسه
قال السيد المسيح "الذي قدسه الآب وأرسله إلى
العالم". وبنفس الفكرة قال "لأجلهم أقدس أنا ذاتي" (يو36:10
+19:17). ويقدس أي يخصص، والمسيح تجسد لكي يخصص جسده للصلب. وحين يقول أن الآب
قدسه، ثم يعود ويقول أقدس أنا ذاتي، فنفهم أنه والآب واحد، هو مساوٍ للآب، ولهم نفس
الإرادة.
وقسمه
هنا نرى الجسد المكسور على الصليب
وشكر= على الحياة التي أعطاها
الله للبشر.
وبارك= حول الخبز إلى جسد.
وقدس= خصص هذا الجسد للصلب.
وقسم= إنكسر الجسد وصلب، وأعطاه
لنا المسيح في هذا السر، ليكون حياة أبدية وغفرانا وثباتا فيه.
هذه الإفخارستيا ليست مجرد ذكرى
لموت الرب، لكن هي جسد مكسور ودم مسفوك. هي نفسها عشاء الرب. هي المسيح مات لأجل
خطايانا، ويعطي لغفران الخطايا، هي بشارة مستمرة بموت الرب.
وذاق
هو نوع من الإتحاد بين المسيح
وبين كنيسته (عروسته)، فهو العريس وكنيسته هي العروس (يو29:3).
لذلك يكمل السيد "وأقول
لكم: إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم
جديدًا في ملكوت أبي" (مت29:26). وهذا إشارة للحياة الجديدة في السماء بجسد
ممجد في إتحاد كامل لن ينفصم للأبد، وهذا سيكون بعمل الروح القدس. فالروح القدس هو الذي يثبتنا
في جسد المسيح من الآن (في سر الميرون). وهذا العمل يكمل نهائيًا في الحياة
الأخرى. وهذا تم التعبير عنه في سفر الرؤيا بتغيير لقب العروس للكنيسة إذ صارت
إمرأة الخروف (رؤ7:19)
"شهوة إشتهيت أن آكل هذا
الفصح معكم" (لو15:22)
ولاحظ أن المسيح وهو مقبل على
الموت بعد ساعات لا يشتهي أكل خروف الفصح، بل يشتهي أن يؤسس هذا الفصح الجديد أي سر الإفخارستيا الذي به سيعطي حياة لشعبه.
فإتحاده بنا هو إتحادنا بالطريق الذي يؤدي بنا للسماء وللحياة الأبدية
(عب19:10،20). فهو يريد أن نكون معه في مجده (يو24:17) وبهذا يحملنا فيه إلى حضن
الآب. هذا هو ما يشتهيه المسيح فهو لا يشتهي طعامًا (يو32:4).
إني لا آكل
منه حتى يُكمل في ملكوت الله.
هنا بداية الإتحاد بالمسيح، هنا
العربون، ولكن بعد أن نترك العالم وندخل إلى الملكوت نرى مجد الله، ويكون إتحادنا
بعريسنا أبديًا.
وذاق: هذه تشير لفرحة السيد المسيح برجوع الإنسان وبداية الاتحاد به.
غير أن هذا لن يكمل إلا في السماء. هذه الفرحة هي نفس فرحة الآب يوم عماد المسيح حينما قال: "هذا هو ابنى
الحبيب الذي به سررت".
ولاحظ فالروح يثبتنا في الابن،
والابن يحملنا لحضن أبيه.
لذلك فنحن في تقديم الحمل نبارك
الثالوث قائلين: مبارك الله الآب ضابط الكل: مبارك ابنه الوحيد الجنس يسوع المسيح ربنا: مبارك الروح القدس المعزي. فعمل
الخلاص هو عمل الثالوث. وفي تقديم الحمل نجد أن اسم الثالوث يبارك القرابين.
ونلاحظ أن كلمة وذاق إشارة لأن
الإفخارستيا هي بداية الاتحاد بالمسيح وهذا سيكمل في السماء. وفرحة المسيح هنا هي ببداية هذا الاتحاد
بعد الانفصال الذي نتج عن الخطية. قال بولس الرسول ان المسيح ذاق الموت (عب 2: 9) فهو ذاق الموت ليذوق
فرحة نجاح عمله الذي يشبعه وهو تنفيذ إرادة أبيه في خلاص الإنسان "لى طعام لستم تعرفونه ..أن أعمل
مشيئة الذي أرسلني" (يو 4: 32- 34). وهذا تفسير "مسرة الرب بيده تنجح.
من تعب نفسه يرى ويشبع" (أش 53: 10، 11).
ونلاحظ القول "وذاق"
إشارة لفرحة المسيح بعودة الحياة للإنسان. أما في قسمة الجسد
فيقول القديس لوقا " لا آكل منه حتى يُكْمَل في
ملكوت الله "(لو 22: 18). فالجسـد المقسوم هو الجسد المتألم المصلوب، جسد
المسيح على الصليب ونحن أعضاء هـذا الجسد إن قبلنا الصلب معه، وحينئذ سنحيا معه (راجع تفسير كو 1: 24 + تفسير غل 2: 20 + تفسير رؤ 6: 11) والمعنى ان جسد المسيح أى الكنيسة يكمل عدديًا حين يكمل عدد كل من هو مكتوب
في سفر الحياة. وكانت هذه شهوة قلب المسيح منذ البدء
(اش27:4). وهذه قال عنها المسيح "شهوة اشتهيت ان اكل هذا الفصح معكم.." (لو 22: 15). وكان هذا هو
المعروض على آدم منذ البدء، أن يأكل من شجرة الحياة، وخالف آدم وكان الفداء، ومن يغلب الآن سيأكل من شجرة الحياة (رؤ 2: 7)، فإرادة الله في ان يحيا
الإنسان للأبد لا بد وان تتحقق.
أخذ خبزًا وشكر
وبارك وكسر وأعطى وسبحوا
تكاد الكلمات تكون واحدة في كل الأناجيل + كلمات بولس الرسول في رسالة كورنثوس الأولى.
وهي نفسها أجزاء القداس الآن
أخذ خبزًا= تقديم الحمل
وشكر = صلاة الشكر
وبــــارك = الصلوات وكلمات
التقديس
وكســــر = القسمة
وأعطــى = التوزيع (التناول)
وسبحــوا = كان اليهود بعد الفصح يسبحون بمزامير تشير للفداء
وأزمنة الخلاص وهذا ما إستعمله المسيح مع تلاميذه بإعتبار هذا هو الفصح الحقيقي،
وكان فصح اليهود إشارة له.
والكلمات التي قيلت مع الخبز
قيلت مع الكأس لذلك قال لوقا
وأيضًا الكأس بعد العشاء
قربان = أصلها العبري قَرِبَ
ومنها قربانًا أي الذي يقرب لله = بروسفورا
صعيدة = هي نفسها قربان ولكنها هنا تعني إصعاد أو تقديم
أو رفع نصعدها لله. ولا فرق بين قربان وذبيحة وصعيدة "كما أحبنا المسيح..
وأسلم نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحة لله.. رائحة طيبة (أف2:5). فالرائحة الطيبة
إشارة للبخور، والبخور هو صعيدة إذ يصعد إلى فوق.
أنافورا = تفيد عملية التقديم أو
الإصعاد بكاملها، هي ليتورجية أو خدمة إصعاد الصعيدة أي صلوات القداس. وعناصر القداس الشكر وتسبيح الله على
الخلقة وإستدعاء الروح القدس.
إملأ هذه الصعيدة التي لك يا رب
بالبركة التي من قبلك (القداس الكيرلس)
والبركة هنا هي تحويلها للجسد
والدم أي تقديسها.
11- ما بين خيمة الاجتماع والكنيسة والسماء
يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد (عب8:13)
ما بين خيمة الإجتماع والكنيسة والسماء (رؤ4)
الرؤيا السماوية
|
الكنيسة
|
خيمة الاجتماع
|
الله جالس على العرش
|
جسد ودم المسيح على المذبح
|
تابوت العهد في قدس الأقداس والمن داخله
|
7 مصابيح نار متقدة
|
الروح القدس يعمل في الكنيسة
|
منارة ذات 7 شعب
|
بحر زجاجي
|
المعمودية
|
المرحضة
|
24 قسيسًا
|
كهنة
|
كهنة
|
القسوس لهم ثياب بيض
|
القسوس لهم ثياب بيض
|
الكهنة لهم ثياب بيض
|
القسوس يقدمون بخورًا
|
الكهنة يقدمون بخورًا
|
الكهنة يقدمون بخورًا
|
الكاروبيم (4حيوانات)
|
4 بشائر نرمز لها
بأربع وجوه
|
كاروبيم فوق تابوت العهد
|
ملائكة في السماء
|
شموع مضاءة رمزًا للملائكة
|
كاروبيم نقش في كل مكان
|
تسابيح كثيرة
|
تسابيح كثيرة
|
تسابيح كثيرة
|
حقًا أن من يعيش في الكنيسة لن تكون السماء غريبة عليه، فالله ليس
عنده تغيير أو ظل دوران. لقد كان العهد القديم ظلًا للعهد الجديد "لأن
الناموس، إذ له ظل الخيرات العتيدة.." (عب1:10). والعهد الجديد هو ظل أو صورة
أيضًا لما في السماء.
فدخول خيمة الإجتماع عن طريق باب، وندخل الكنيسة من باب ويوحنا في رؤياه رأى بابًا
مفتوحًا. ومذبح المحرقة يمثل الصليب عرش المسيح الذي به تمجد المسيح بجسده.
وقدس الأقداس يمثل السماء وتابوت العهد يمثل عرش الله ويمثله المذبح المسيحي في الكنيسة موضوعًا عليه الكرسي وبه الكأس والصينية. والكرسي هو صندوق خشبي لوضع الكأس داخله ويمثل العرش (الكرسي والعرش إسمان لشئ واحد) فالكأس داخل الكرسي تحوي دم المسيح ملك الملوك.
والتابوت في الخيمة كان يحوي قسط
المن golden pot that had the
manna ويمثله الآن الصينية، وعصا هرون ويمثلها الصليب الموضوع على المذبح، ولوحي الشريعة ويمثلها البشارة.
ونحن نصلي تجاه الشرق= فالفردوس المفقود كان في جنة عدن عند نهر الفرات
وهذه كانت في شرق أورشليم. وبهذا نكون في صلواتنا في حنين للعودة للفردوس المفقود.
والمسيح شمس برنا (ملا2:4) سيأتي من المشارق (مت27:24) وبهذا تحيا الكنيسة مترنمة مع يوحنا اللاهوتي بإشتياق لمجيء
المسيح قائلة "أمين تعال أيها الرب يسوع" (رؤ20:22)
ونجد في الكنيسة حجاب يرفضه طوائف كثيرة متعللين بأن
الصلح قد تم ولم يعد هناك حجاب ولكن الكنيسة تضع الحجاب وبه ستر (ستارة):
1-هو حامل للأيقونات (هكذا تسميه الكنيسة اليونانية)
وهي صور للقديسين الموجودين في السماء كحافز لنا أن نقتدي بهم لنكون معهم في
السماء.
2-يفتح الكاهن الستر وفي يده صليب ليمثل أمام الناس أن
المسيح بكهنوته (ذبيحته على الصليب فتح لنا باب السماء). وهذه التمثيلية
اليومية تطبع في أذهاننا عمل المسيح نتأمله يوميًا ونسبحه عليه، وهذا أفضل من
إلغاء الحجاب. بل تضع الكنيسة صليبًا عليه صورة المسيح المصلوب ليتأمل
المصلين دائمًا فيها، فالخطية كانت سببًا في وجود حجاب بيننا وبين الله، وكانت
سببًا في صليب رب المجد، فنصلي طالبين الرحمة والمغفرة.
والكنيسة تضئ أنوار كثيرة وهكذا قال سفر أعمال الرسل أنه أثناء كسر الخبز "كانت
مصابيح كثيرة في العلية التي كانوا مجتمعين فيها" (أع7:20،8). فالكنيسة سماء والسماء نور وخارج الكنيسة الظلمة الخارجية. والأنوار هي إعلان عن
طبيعة المسيح النور الحقيقي. وتذكير للمصلين أنهم يجب أن يكونوا نورًا للعالم
وهكذا في خيمة الإجتماع كانت هناك منارة مضيئة دائمًا،
وهذه ترمز للنور الذي يضيئه الروح القدس في قلوبنا.
أما الشموع فلها معنى أن القديسين والشهداء من زهدهم وعدم طلبهم لملذات العالم كانوا كمن ذابوا
كالشمع ليضيئوا لنا. لذلك نضئ الشموع أمام أيقونات القديسين.
والشموع على المذبح تشير للملاكين اللذين ظهرا في القبر وقت
القيامة
وقنديل الشرق يشير للنجم الذي
ظهر للمجوس
وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر يصلي الكاهن ممسكًا ثلاث شمعات فوق الصليب ويبارك الشعب إشارة للمسيح نور العالم
الذي صلب ليبارك الخليقة وبصليبه نقلنا من الظلمة إلى نوره العجيب (1بط9:2). وقد
يستعمل الكاهن ثلاث شمعات (إشارة لبركة الثالوث للناس)
وقد يستعمل شمعة واحدة (إشارة لأقنوم الابن الذي تجسد وصلب)
وتستخدم الكنيسة البخور وهو بمكوناته ورائحته الحلوة يشير
للمسيح (راجع المواد المستخدمة في خيمة الإجتماع تحت عنوان البخور في شرح سفر الخروج). وهناك لحن جميل تصليه الكنيسة يوم خميس العهد ويوم الجمعة العظيمة إسمه (فاي
إيتاف إنف) ومعناه (هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا فإشتمه أبوه الصالح".
والله هو الذي أمر برفع البخور مرتين في خيمة الإجتماع والهيكل بعد ذلك (خر38:29-42+
خر7:30،8). فكان الكاهن كل صباح يقدم خروفًا محرقة على مذبح
المحرقة وبعد ذلك يدخل إلى مذبح البخور ليقدم البخور. وهكذا في المساء. وآخر أنبياء
العهد القديم وهو ملاخي تنبأ بأن البخور والتقدمة الطاهرة (الإفخارستيا) سيقدمهم الأمم في كل مكان. بل رأينا أن
الأربعة والعشرين قسيسًا في السماء يقدمون بخورًا في مجامرهم (رؤ8:5) + (رؤ3:8،4). ولو قال أحد أن البخور هو إشارة للصلوات النقية فهل لم يوجد أحد من كهنة العهد القديم كان بارًا
وله صلوات نقية، وإذا وجد هذا الشخص فلماذا كان يقدم بخور لله؟! الله هو هو أمس
واليوم وإلى الأبد. والله لم يلغ تقدمة البخور لتقوم الكنيسة بإلغائها. (راجع عد46:16 فالله يأمر هرون بتقديم بخور ليكفر عن الشعب) ولاحظ في
(رؤ3:8،4) أن البخور كان يقدم مع الصلوات بواسطة الملائكة. وكان البخور يقدم مع الذبائح الدموية
فقال المعترضون أنه طالما بطلت الذبائح الدموية بطل البخور!! لكن كان يقدم صلوات وتسابيح مع الذبائح الدموية أيضًا فهل نمتنع عن
الصلوات والتسابيح طالما بطلت الذبائح الدموية!! وقالوا ان رائحته كانت لتغطى على
رائحة الدم، فهل كان بعض البخور الذي يقدم داخل الخيمة كاف ليغطى على رائحة الدم الذي يقدم في الهواء
الطلق؟! وقال المعترضون أن الوثنيين يقدمون البخور فهل لم يعلم الله هذا وهو يأمر بالبخور!! وكذلك نلاحظ أن الوثنيين يقدمون
لأوثانهم صلوات وأصوام فهل نمتنع عنهما!!
ولأن الله أمر برفع البخور في العشية وباكر (خر7:30،8) لذلك
مازالت الكنيسة تحتفظ بنفس الطقس وترفع البخور في العشية وباكر. وحين نتأمل في البخور المتصاعد برائحته الحلوة من مجمرة مشتعلة نارًا نتساءل.. هل صلواتي نقية
صادرة من قلب نقي مشتعل بالحب لله فتتصاعد إلى فوق. أيضًا البخور يعبر عن الحياة الطاهرة، هذه لها رائحة حلوة. والمجمرة طبعًا تشير لبطن العذراء والجمر المشتعل فيها يشير للمسيح الذي
لاهوته (نار) متحد بناسوته (فحم).
12- رشم الصليب
تعلمنا الكنيسة أن نفعل هكذا: نضع إصبعنا على الجبهة
ونقول بإسم الآب، فالآب هو أبونا السماوي الذي فوق الجميع. ثم نضع إصبعنا
على الصدر ونقول والإبن لأنه تنازل وتجسد. ثم ننقل إصبعنا من الكتف الأيسر إلى
الأيمن قائلين والروح القدس الذي بقوة عمله المبنية على فداء المسيح انتقلنا من اليسار إلى اليمين، ومن الرفض
إلى القبول، ومن الظلمة إلى نوره العجيب. ثم نقول إله واحد معترفين بوحدانية الله
في ثلاثة أقانيم. وهذا تقليد رسولي. وعلامة الصليب ترهب الشياطين. لقد صار الصليب علامة تميز المسيحيين ويفتخرون بها
(1كو18:1 + 1كو2:2+ غل1:3+ غل14:6).
الصليب يذكرنا بعمل الفداء فنفرح ويذكر إبليس
بهزيمته ومصيره البحيرة المتقدة بالنار فيفزع. وبنطق اسم الثالوث فقوة الاسم ترهب الشياطين فيبتعدوا ويتقدس المكان، لذلك نرسم
علامة الصليب عند بدء أي عمل أو إجتماع أو في أي مخاطر.
فكل شيء في الكنيسة يتبارك ويتقدس بالصلاة ورسم علامة الصليب ونطق إسم الثالوث. لذلك ففي بداية القداس يرسم الكاهن ملابس الخدمة البيضاء له وللشمامسة بعلامة
الصليب لتتقدس وتتكرس فإن كل من يقترب من الله
يجب أن يكون مقدسًا.
رسم علامة الصليب فيه إعتراف بموت الرب عنا على الصليب، وبالمعمودية نشترك معه في هذا الموت وفي قيامته.
علامة الصليب جعلت موت المسيح ليس حقيقة تاريخية بل
حقيقة حاضرة دائمًا.
13- تقديم أسماء المرضى والمنتقلين ومَنْ
لهم حاجة في القداس
وهذا كان يمارس منذ القدم للصلاة
من أجلهم، أليس المسيح موجودًا معنا على المذبح فلنسأله لأجل حاجياتنا. نسأله لأجل
الراقدين والأحياء إعلانًا عن عقيدة شركة القديسين في السماء وفي الأرض. لذلك ففي أوشية
الراقدين نصلي أيضًا للأحياء "وأما نحن الأحياء فهب لنا كمالنا
المسيحي.." ونذكر القديسين فنتعزى بذكراهم. ونصلي لأجل الرؤساء
ليبطل الله عنهم محاربات الشياطين فنحيا في سلام. وتصلي لأجل كل إنسان
وللمزروعات والأمطار..
هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع الإخوة
معًا كالطيب
النازل على الرأس النازل على اللحية لحية هارون (مز1:133،2)
الإخوة = الذي يجتمعون هم شعب
الله في الكنيسة
الطيب النازل على الرأس = هو زيت
+ عطور = هو الروح القدس الذي حل على المسيح يوم عماده
اللحية = هي شعب المسيح الملتصق
به كما يلتصق الشعر بالرأس
المسيح هو رأس الكنيسة
حينما نجتمع في محبة ينسكب الروح
القدس ليثبتنا في الرأس المسيح والمسيح يحملنا إلى حضن الآب.
ونلاحظ
ان شكل الكنيسة يتفق مع مفهوم هذا المزمور وهذا هو شكل الكنيسة إلى يسار هذا الكلام.
14- صلاة القداس
كان اليهود يصلون يوم السبت صلاة شكر لله على الخليقة وجاء المسيحيون ليصلوا قداس
الأحد ويشكرون فيه الله على الخليقة الأولى وعلى الخليقة الجديدة بالفداء
الذي تم يوم الأحد، اليوم الثامن. وهذا كان تحول من السبت للأحد، من الخليقة
القديمة إلى الجديدة في اليوم الثامن.
وهكذا كانت تعاليم الرسل أن يقام قداس الإفخارستيا يوم الأحد بشروط:
1- الإعتراف
بالخطايا
2- التصالح 3- يجتمع الشعب معًا
لممارسة هذا السر
وأقامت الكنيسة أساقفة وقسوس وشمامسة لهذا العمل.
وينبه الكاهن قبل التناول "القدسات للقديسين" وهذا نص من تعاليم الرسل،
لأنه إما أن يتناول الإنسان وهو تائب ومعترف بضمير طاهر فيتقدس ويتطهر، أو العكس،
فإذا تناول وهو مُصِرّ على خطاياه تكون الذبيحة دينونة له فيمرض ويموت. وعلامة
التصالح هي القبلة "قبلوا بعضكم بعضًا" فإن لم نتصالح ونقبل بعضنا فلن
يغفر الله لنا، وإن لم يغفر الله لنا، كيف نتقدم للتناول. وكانت القبلة قديمًا
إيذانًا بخروج الموعوظين.
ونحن في القداس نقدم لله من ثمار الأرض (خبز وخمر=
قرابين) لنشكر الله على ما أعطانا. والله يبارك ويقدس هذه القرابين فتصبح جسدًا
ودمًا ويعيدها إلينا سر حياة لنا. فما نقدمه للإفخارستيا هو أصلاً قدمه لنا.
أوشية القرابين= الله لا يحتاج للقرابين ولكنه يحب شعبه ويعطيه،
ومما أعطانا نعطيه فيفرح بنا. والله لا يفرح فقط بالعطايا بل بكل خدمة في كنيسته.
والإفخارستيا تجعل الكنيسة جسمًا حيًا متحدًا يُستعلن فيه المسيح أي
يُستعلن بواسطتنا إن عشنا في هذه الوحدة وهذه المحبة.
طلبة قديمة
كما أن هذا الخبز كان مرة مبعثرًا فوق الجبال والتلال
والأودية ثم إجتمع ليكون جسدًا واحدًا، هكذا أيضًا إجمع الكنيسة الجامعة التي للمسيح يسوع.
15- صلاة رفع بخور عشية
صلاة رفع
بخور عشية
مزامير التاسعة والغروب والنوم
|
التسبحة
|
صلاة رفع البخور
|
1.
صلاة رفع بخور باكر
مزامير نصف الليل
|
التسبحة
|
مزامير باكر
|
صلاة رفع البخور
|
2.
المزامير
مزامير الثالثة والسادسة
وإذا كان اليوم يوم فيه صوم نصلي
الثالثة والسادسة والتاسعة. وبالتالي في صلاة رفع بخور العشية نصلي الغروب والنوم فقط. أما في عيد العنصرة (يوم حلول الروح القدس) فنصلي مزامير الثالثة فقط
لأنها تختص بحلول الروح القدس.
أما في صوم يونان والصوم الكبير
فلأننا نصلي المزامير حتى صلاة النوم فلا توجد صلاة عشية.
3. تقديم الحمل وقداس الموعوظين
طقس تقديم
الحمل + القراءات (بولس وكاثوليكون وإبركسيس ومزمور وإنجيل) والعظة.
4. قداس المؤمنين
وهذا ينتهي بالتوزيع (التناول)
التسبحة
كما رأينا هناك تسابيح كثيرة في القداس، قبل رفع بخور العشية وأثنائها وقبل رفع
بخور باكر وأثناءه وفي وسط القداس وأثناء التوزيع
و
التسابيح:
1) فرحًا بعطية الله فنسبح الله ونشكره ونمجده.
2) تمجيد للقديسين، فنحن وهم في شركة. ونحن نكرمهم بحسب أمر الله "أنا
أكرم الذين يكرمونني" (1صم30:2) + "منذ الآن جميع الأجيال تطوبني"
(لو48:1) "وننظر لنهاية سيرتهم ونقتدي بهم" (عب7:13)
ونلاحظ أنه لكي نمتلئ من الروح
فيثبتنا الروح في المسيح علينا أن نسبح (أف18:5،19). والذي يمتلئ بالروح القدس يسبح (لو39:1-55 +
لو67:1-79). والبداية أن نغصب أنفسنا على التسبيح فنبدأ نمتلئ بالروح وحينئذ نسبح
بلذة وكلما إزداد التسبيح إزداد الإمتلاء وهكذا. وبالتالي يزداد الثبات في المسيح
فيكون لنا حياة.
وبنفس الطريقة يقول السيد الرب
"من فضلة القلب يتكلم الفم.." (مت34:12،35) والمعنى أن ما هو مخزون في
القلب سيخرج على الفم. ويقول القديس يعقوب أن اللسان هو الذي يقود الحياة كلها
(يع3:3-12). والحل أن نغصب لساننا على التسبيح، وهذا يملأ القلب كلام تسبيح،
وبالتالي يخرج ما في القلب اى التسابيح ولكن بدون تغصب . وتتزايد حياة التسبيح
والإمتلاء من الروح والثبات في المسيح.
والتسبيح علامة على الحرية،
فالمستعبد لا يسبح (مز1:137-6) ولاحظ أن بابل هي أرض السبي. فكل مستعبد للخطية
يطفئ الروح ولا يستطيع التسبيح ومن يتعلم لغة التسبيح ويمتلئ قلبه تسبيحًا يتحرر
ويمتلئ حياة. والحياة هي ثباتنا في المسيح، "لي الحياة هي المسيح"
(في21:1+ غل20:2) وهذا هو هدف القداس أن تكون لنا حياة.
16- الأجبية والمزامير في صلاة القداس
تصلي الكنيسة كل المزامير (مزامير الأجبية)
في القداس. فالمزامير كلها نبوءات عن كل حياة
المسيح..
صلاة
باكر:
نذكر فيها الساعة التي قام فيها
المسيح من الموت، فهي تتلى عند القيام من النوم. والمسيح هو شمس البر لذلك نذكر في
هذه الساعة إشراق المسيح شمس البر (إنجيل باكر). ونذكر في هذه الساعة إلقاء القبض
على يسوع بعد أن قضى الليل كله ساهرًا في بستان جثسيماني، ونذكر مؤامرات الجند والرؤساء
ضده.
صلاة
الساعة الثالثة:
نذكر فيها الساعة التي صدر فيها
حكم بيلاطس على المسيح، فيها بدأ الجند في جلده ووضع إكليل الشوك على رأسه. وفي هذه الساعة صعد الرب يسوع للسماء. وساعة حلول الروح القدس على التلاميذ.
صلاة
الساعة السادسة:
نذكر فيها ساعة صلب المسيح ودق
المسامير في يديه ورجليه وتذوقه للخل والمرارة. فتكلمنا المزامير عن آلام الرب المبرحة التي إحتملها
لأجلنا.
صلاة
الساعة التاسعة:
نذكر فيها سؤال اللص اليمين
للسيد أن يذكره في ملكوته وفيها إظلمت الشمس وإنشق حجاب الهيكل من وسطه ونادى ربنا
يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح. وفي هذه الساعة إنقشعت الظلمة التي سادت الأرض منذ
الساعة السادسة دليل على إنتهاء مملكة الشيطان المظلمة بعد إنتصار المسيح عليه بالصليب وبدأ الله يملك على شعبه لذلك نكرر مزمور
"الرب قد ملك"
صلاة
الغروب:
فيها إنزال جسد السيد المسيح من على الصليب وتحنيطه ولفه بلفائف
كتان مع الأطياب. والمسيح بموته شفانا لذلك فالإنجيل عن الشفاء وتبدأ المزامير بتسبيحه على هذا الشفاء.
صلاة
النوم:
تذكار وضع السيد المسيح في القبر وتذكرنا بالدينونة الأخيرة
لأنها آخر ساعة من ساعات الإنسان في نهاره. فالنوم هو الموت الصغير. وفي هذه
الساعة نزل السيد للجحيم ليخلص من كان فيه على الرجاء.
صلاة نصف
الليل:
هي تذكير بأن يوم الرب سيأتي كلص
فلنستعد.
إذًا فهدف صلاة المزامير هو أن نتذكر كل ما مر بالرب يسوع من أحداث تخصنا (ميلاده الأزلى
وميلاده الجسدي وآلامه وصلبه ودفنه وقيامته وصعوده)، كل هذا ليعطينا حياة وهذا هو
هدف القداس أن تكون لنا حياة.
17- تلاوة قانون الإيمان في القداس الإلهي
نردد قانون الإيمان في
صلوات الأجبية
وفي رفع بخور العشية وباكر وبعد إنتهاء مزامير القداس قبل تقديم الحمل مباشرة. فلأن هدف القداس
هو أن تكون لنا حياة ولا حياة حقيقية إلاّ بعقيدة صحيحة نتلو قانون الإيمان مرارًا
فهو خلاصة العقيدة المسيحية.
ولو تسرب للكنيسة أي عقيدة خاطئة
تفسد حياة الكنيسة وشعبها.
أمثلة:
1. كنيستنا تختلف مع كنائس أخرى في أهمية الجهاد للخلاص. ولكن إن علمنا الناس
عدم الإهتمام بالجهاد سيتكاسل الناس ويهاجمهم إبليس وتضيع منهم حياتهم.
2. ويتصور البعض أن الأعمال وحدها بدون إيمان تخلص. مع أن المسيح قال
"من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو25:11) فهذا التعليم الذي يقلل من أهمية
الإيمان يقود للموت.
3. الإيمان بأن المسيح هو إبن الله هو الإيمان الذي تبنى عليه الكنيسة. وهذا ما نردده في قانون الإيمان، وهذا
ما قاله السيد لبطرس (مت13:16-20). فإن لم يكن المسيح هو إبن الله المتجسد لكان
فداءه محدودًا وحياته ليست أبدية وبالتالي فلن يكون لنا حياة أبدية.
4. هناك من ينكر الشفاعة التي للقديسين. وهؤلاء يحرمون أنفسهم من
لذة العشرة مع القديسين والشركة معهم في حياة سمائية وهذا ما
نحياه في القداس، بل وفي كل صلواتنا، بل في كل حياتنا.
هذه بعض أمثلة وغيرها كثير، لذلك
تردد الكنيسة قانون الإيمان دائمًا طوال القداس، وخلال صلوات الأجبية
فلا حياة حقيقية بدون إيمان صحيح وعقيدة صحيحة.
18- صلاة رفع بخور العشية وباكر
1) أمر
الله موسى في العهد القديم بتقديم ذبيحة صباحية وذبيحة
مسائية يصاحبهما رفع البخور أمام مذبح البخور، ومن أسخف ما سمعت
لإظهار عدم أهمية البخور، أن الله أمر بتقديم البخور بسبب روائح الدم المنتشرة، وطالما لا توجد ذبائح دموية فلا داعٍ لتقديم البخور. هذا الكلام لا معنى له لأن الذبائح كانت تقدم على مذبح المحرقة خارج
الخيمة، وكان البخور يقدم على مذبح البخور داخل الخيمة. فهل ما كان يقدم في المجمرة يكفي لأن يخرج خارجًا ويملأ الجو ويزيل
روائح الذبائح الحيوانية والدماء؟! الله أمر بتقديم البخور فيجب أن يقدم. ومازالت الكنيسة تقدمه:
أ- باكر وعشية كما قال الله.
ب- في نفس المكان الذي كان يقدم
فيه كهنة العهد القديم البخور أي خارج الهيكل، لأن كهنة العهد القديم كانوا يقدمون
البخور أمام مذبح البخور الموجود خارج قدس الأقداس، أي أمام الحجاب.
2) يصلي الكاهن صلاة العشية وباكر كلها أمام الحجاب، أي
على باب الهيكل الحالي، على الجانب الأيسر منه، ولا يقف في وسط الباب. فهو في موقف
التذلل الذي يطلب بركة. صلاة رفع بخور العشية وباكر تمثل حالتنا في العهد القديم فالحمل
لم يقدم بعد. وأول مرة يصلي الكاهن على المذبح تكون بعد تقديم الحمل، وفي يديه الحمل،
فنحن لا قبول لنا في السماء (والهيكل رمز السماء) بدون المسيح حمل الله.
3) لذلك
يصلي الكاهن صلوات رفع بخور باكر والعشية بالملابس
السوداء. ولكنه يلبس الملابس البيضاء مع بداية القداس فدم المسيح بررنا وجعلنا في
ملابس بيضاء (رؤ7 : 14). وبنفس الفكر نجد أنه في دورة البخور يبدأ الكاهن من جهة
اليسار أولًا، ثم يتجه إلى جهة اليمين كما سيأتى فيما بعد. والسبب أننا في القداس
نكرر قصة فداء المسيح وتقديم نفسه ذبيحة على الصليب مبتدئين من رموز هذه الذبيحة في العهد
القديم أي صلوات رفع بخور العشية وباكر، وصلوات المزامير. ثم القداس نفسه وتقديم
الذبيحة وحتى الصعود وإرسال الروح القدس (رش الماء في نهاية القداس). ونبدأ دورة
البخور في عشية وباكر من جهة اليسار لأنه خلال صلوات رفع البخور نكون كما لو كنا
مرفوضين فى العهد القديم قبل المسيح ثم إنتقلنا بذبيحة المسيح إلى جهة اليمين.
وهذا يتم أيضا في دورة البولس لأن بولس الرسول كرز للأمم المرفوضين وبإيمانهم
تطهروا وصاروا مقبولين في المسيح.
4) وهذا
الفكر يظهر بوضوح أكثر في صوم يونان والصوم الكبير حينما نغلق الستر ونطفئ الأنوار
ونقرأ النبوات والطلبات والمطانيات لتمثيل حالنا قبل المسيح وذلك أثناء
رفع بخور باكر.
5) بنفس
المنهج يقوم الكاهن (وليس أحد آخر) بفتح الستر وفي يده صليب
إعلانًا أن المسيح بكهنوته (أي تقديم نفسه ذبيحة على الصليب فتح لنا باب السماء ومع فتح الستر يقول الكاهن "إرحمنا يا الله.." ويطلب
السماح من باقي الكهنة ثم المصلين . ثم نصلي أبانا الذي في السموات فهي الصلاة
التي علمنا إياها الرب يسوع وبها نبدأ كل صلواتنا.
6) صلاة رفع البخور تنقسم لثلاثة أقسام رئيسية:
أ- صلاة
الشكر: فنحن لا نبدأ إلاّ بالشكر. ونشكر في كل حال.
ب- الأواشي : " أوشية
الراقدين في العشية. وأوشية المرضى والمسافرين والقرابين (إن كان الحمل موجودًا)
في باكر. والمعنى أننا نذكر الغائبين عنا بسبب أنهم رقدوا أو أنهم مرضى أو
مسافرين.
الاستثناءات:
1) قد نصلي المرضى في أيام الفرح في العشية. وهناك رأي
يرفض هذا ويقول ولماذا لا نصلي الراقدين، فهم ليسوا موتى، بل هم في السماء، ونحن
في القداس نصلي "أولئك يا رب.." فما
المانع أن نصلي للراقدين في العشية (وهذا أوقع)
2) أيام السبت نصلي الراقدين في
صلاة باكر لنذكر المسيح الذي كان في الفردوس كل يوم السبت.
3) أيام الآحاد لا نصلي للمسافرين
فالمفروض أنه لا سفر ولا عمل يوم الأحد. هو يوم للرب.
ج- أوشية الإنجيل: لنكون مستحقين
لسماع الإنجيل المقدس.
7) وبعد
قراءة الإنجيل يصلي الكاهن التحاليل الثلاثة للشعب ويصرفهم.
8) ونلاحظ
أن البخور كما قلنا سابقًا هو رمز للمسيح. فالمسيح هو محور كل صلواتنا وحياتنا.
9) رفع
بخور العشية ورفع بخور باكر لهما نفس الطقس مع فارق الأواشي كما ذكرنا بالإضافة إلى بعض الفروق
الطفيفة في التسبحة والصلاة التي يرددها الكاهن مع رفع البخور سرًا في الهيكل.
10) لاحظ
دائمًا في دخول الكاهن للكنيسة أنه يسجد أمام المذبح قائلًا "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل
بيتك وأسجد أمام هيكل قدسك بمخافتك".
11) عند
فتح الكاهن للستر ممسكًا الصليب فهو يشرح أنه بذبيحة الصليب إنفتحت لنا السماء، لذلك يصلي وهو يفتح
الستر قائلاً "إرحمنا يا الله الآب ضابط الكل.." طالبًا الرحمة فبسبب
خطايانا كان هناك حجاب بيننا وبين السماء ثم كانت ذبيحة المسيح بالصليب.
19- صلاة الشكر في القداس
في كل المناسبات نبدأ بصلاة
الشكر، سواء أفراح أو أحزان، فالله صانع خيرات على كل حال، "فكل الأشياء تعمل
معًا للخير.." (رو28:8). ولهذا لا يوجد في قاموس المسيحي كلمة مصيبة، فكل ما
يصنعه الله هو للخير، وعلينا أن نسلم بهذا بإيمان حتى لو لم نفهم ما يفعله الله
الآن (يو7:13).
وقبل صلاة الشكر يقول الكاهن إشليل (صلوا) وهذا تنبيه للشعب بأن الصلاة
بدأت ليقفوا بخشوع أمام الله، وهذا ما يردده الشماس "للصلاة قفوا" ثم يقول الكاهن "إيريني باسي" (هو منح السلام
للشعب) "السلام لجميعكم" ويرد الشعب "ولروحك أيضًا" فالكاهن
يصلي لأجل الشعب والشعب يصلي لأجل الكاهن. وهذا ما علمه لنا بولس الرسول (رو9:1،10 + رو30:15،31)
وهذا ما أمر به الرب يسوع تلاميذه "وحين تدخلون البيت سلموا عليه.. فإن كان
البيت مستحقًا فليأتِ سلامكم عليه، ولكن إن لم يكن مستحقًا فليرجع سلامكم
إليكم" (مت12:10،13)
إذًا إن كان السلام سيرجع
للتلاميذ في حالة عدم الاستحقاق، فهناك سلام يعطونه وقد يرجع إليهم. إذًا هذا ليس
سلامًا عاديًا كما يسلم إنسان على صاحبه.
ومصدر السلام هو الرب يسوع ملك السلام، ولكنه أعطى الكنيسة ممثلة في التلاميذ والرسل وخلفائهم من
أساقفة وكهنة أن ينطقوا بالسلام ويعطي هو هذا السلام. كما أمر هرون وبنيه أن يباركوا الشعب (عد22:6-27)
ولاحظ قول الله "كلم هرون وبنيه قائلًا هكذا تباركون بني إسرائيل قائلين لهم "يباركك الرب ويحرسك..
ويمنحك سلامًا". فيجعلون إسمي على بني إسرائيل وأنا أباركهم" فالبركة هي من الله
معطي البركة والسلام "سلامي أترك لكم سلامي أنا أعطيكم" (يو27:14) لذلك
فاللحن الذي يؤدي به الكاهن عبارة "إيريني باسي" كله إنكسار
وخشوع، كمن يقول ليس أنا يا رب من يعطي السلام بل أنا محتاج للسلام والبركة منك،
أنا وشعبك.
وإعطاء السلام بعد طلب الوقوف
بخشوع فيه توازن، فمن يقف مرعوبًا لن يفرح بالله، فهذا يحتاج للسلام. ومن يقف
بإستهتار لن يأخذ شيئًا.
ولاحظ أنه طالما هناك بركة تعطي
للشعب فلا يصح أن يبارك الأصغر الأكبر منه. فإن وجد أسقف فهو الذي يبارك.
ولاحظ دائمًا أن الكاهن قبل أن يصلي يقدم للشعب مطانية طالبًا السماح، فالكاهن سيصلي من أجل
الشعب وهم سيصلون لأجله، وكيف يتم هذا إن لم يكن هناك غفران متبادل، فبدون غفران
لن يقبل الله صلوات أحد. (مت14:6،15) + إن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك فأترك
هناك قربانك قدام المذبح وإذهب أولًا إصطلح مع أخيك، وحينئذ تعال
وقدم قربانك" (مت24:5) + (1تي8:2).
20- تقديم البخور
بعد صلاة الشكر يقدم الكاهن خمس أيادي بخور في المجمرة.
مع الأولى
يرشم بالصليب نفسه أولًا قائلًا بسم الآب والإبن
والروح القدس إله واحد أمين ثم يرشم درج البخور قائلًا مبارك الله الآب ضابط الكل
أمين. الكاهن يرشم ذاته أولًا ليقدس نفسه أولاً.
ومع
الثانية هذه إن كان هناك كهنة غيره يقومون هم بهذا الرشم ويقول مبارك الإبن الوحيد
يسوع المسيح ربنا أمين. وبهذا يشترك جميع الكهنة الموجودين معا .
ومع الثالثة يقول مبارك الروح القدس المعزي امين .
وبدون رشم
يضع يدين بخور قائلًا مجدًا وإكرامًا إكرامًا ومجدًا للثالوث القدوس.. أمين
. فالذي يبارك هو الثالوث القدوس ولذلك ننطق بإسم الثالوث وإسم الثالوث
يبارك ما سنقدمه.
ثم يرفع صلاة مع البخور في
العشية
أيها المسيح إلهنا.. طيب مسكوب
هو إسمك القدوس (حياة المسيح وأعماله كلها كانت كرائحة بخور طيب، وعمل الكنيسة أن تنشر هذه الرائحة في كل مكان)= وفي كل
مكان يقدم بخور لإسمك القدوس صعيدة طاهرة. ثم طلبة لكي يقبل الله صلواته مثل بخور
وذلك لأجل المسيح الذي بصليبه رفع خطاياناومع رفع بخور باكر يصلي
طالبًا أن يقبل الله هذا البخور غفرانًا لخطايا الجميع، ويدور حول المذبح مرددًا الأواشي الصغار.
1.أذكر يا رب سلام كنيستك الواحدة الوحيدة
المقدسة الجامعة الرسولية (وهو ناظر للشرق يستعطف الله)
2.هذه الكائنة من أقاصي المسكونة
إلى أقاصيها.
3.أذكر يا رب بطريركنا البابا
المعظم الأنبا........ (وهو ناظر للشعب يذكر رأس الشعب ليقوده بحكمة
فلا يتشتت الشعب)
4.حفظًا إحفظه لنا سنين كثيرة
وأزمنة سالمة هادئة.
5.اذكر يا رب إجتماعاتنا باركها (وهو ناظر للشرق
يستعطف الله)
6.إعط أن تكون لنا بغير مانع ولا
عائق لنصنعها كمشيئتك المقدسة الطوباوية.
7.بيوت صلاة بيوت طهارة بيوت
بركة.
8.إنعم بها علينا يا رب وعلى
عبيدك الآتين بعدنا إلى الأبد.
9.قم أيها الرب الإله وليتفرق
جميع أعدائك (ناظرًا للشرق مصليًا لله)
10.وليهرب من قدام وجهك كل مبغضي
إسمك القدوس.
11.أما شعبك فليكن بالبركة ألوف
ألوف وربوات ربوات (وهو ناظر للشعب يستعطف الله لأجل الشعب)
12.يصنعون إرادتك. ثم يقبل المذبح ويخرج ليبخر خارجًا، فالمذبح مصدر قوة الكاهن وحينما ينظر الكاهن للشرق أو الغرب يحرك المجمرة بعلامة الصليب وهو يصلي .
وبعد هذه الدورة حول المذبح يخرج من الهيكل، وعندما يخرج الكاهن يبخر
هكذا لناحية الشرق قائلاً:
1- نسجد لك أيها المسيح مع أبيك الصالح لأنك أتيت وخلصتنا.
2- وأنا بكثرة رحمتك أدخل بيتك وأسجد أمام هيكلك المقدس بمخافتك.
3- أمام الملائكة أرتل لك وأسجد أمام هيكلك المقدس.
ثم للناحية البحري قائلًا: نعطيك
السلام مع جبرائيل الملاك قائلين السلام لك يا ممتلئة نعمة الرب معك.
ثم لناحية الغرب قائلًا: السلام
لمصاف الملائكة وسادتي الآباء الرسل والشهداء وجميع القديسين.
ثم لناحية قبلي قائلا: السلام
ليوحنا بن زكريا السلام للكاهن إبن الكاهن.
ثم لناحية الشرق مرة أخرى
قائلًا: فلنسجد لمخلصنا محب البشر الصالح لأنه تراءف علينا وأتى وخلصنا.
وهذا التبخير في كل الإتجاهات
يعني إستمطار مراحم الله على شعبه في كل مكان بشفاعة هؤلاء القديسين.
بعد الملاك
نسلم على الملائكة، خصوصًا الكنيسة مملوءة ملائكة، ولكل واحد
ملاكه الحارس والشعب يرتل في ألحان أرباع الناقوس أن الكنيسة بيت الملائكة. وأيضًا يرى الكاهن بعين الإيمان الكنيسة مملوءة قديسين وشهداء.
وفي أثناء
دورة البخور يرتل الشعب بنفس المفهوم أرباع
الناقوس وهي أرباع فيها تمجيد لله أولاًً ثم العذراء والملائكة والرسل والشهداء والقديسين. فهناك تناغم بين ما يصليه الكاهن وبين ما يصليه الشعب.
ولاحظ روح
الكنيسة التي تحيا حياة سماوية بروح الإيمان وترى
الكنيسة المجاهدة مع الكنيسة المنتصرة والملائكة وكأنه لا فارق. كأننا معًا. والمسيح رأس
الجميع "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السماوات وما على
الأرض" (أف10:1)
ملاحظات:
1) رشم درج البخور بإسم الثالوث القدوس فيه تخصيص وتكريس للبخور فيصير
لله، غير البخور الذي يقدم لوثن أو لأي شيء آخر. هذا البخور يرشم بإسم الله لتقديسه ولإسم الله يقرب (ملا11:1)
2) دوران الكاهن حول المذبح يحمل معنى أن الذبيحة التي تقدم على المذبح هي مقدمة عن كل العالم. والكاهن يدور حول المذبح طالبًا هدم حصون الخطية في كل العالم،
وغفران خطايا الشعب في كل العالم، وبركة وسلام لشعب الله في كل العالم.
3) السجود الكثير من الكاهن وتقبيل المذبح هو لإستمطار مراحم الله وإسترضاءه ليقبل
الله صلوات الكاهن. وذلك قبل كل صلاة يسجد الكاهن أمام الهيكل (قبل صلاة الشكر في العشية وباكر وقبل القداس وهكذا)
4) عند وضع البخور في المجمرة في عشية يقول الكاهن "لتستقم أمامك صلاتنا مثل بخور، رفع
أيدينا ذبيحة مسائية، لأنك أنت هو ذبيحة المساء الحقيقية الذي أصعدت ذاتك.."
وفي باكر يقول " يا الله الذي قبل إليه قرابين هابيل وذبيحة نوح.. إقبل إليك هذا البخور.." ولنلاحظ أننا في القداس نقدم ذبيحة جسد ودم المسيح وفي صلوات رفع البخور نقدم ما يرمز لها أى البخور فهو يشير
للمسيح الذي كان رائحة طيبة "أسلم نفسه لأجلنا، قربانًا وذبيحة لله
رائحة طيبة" (أف2:5) وكانت ذبائح العهد القديم ترمز للمسيح الذبيح الحقيقي.
لذلك حينما قدم نوح محرقته إشتمها الله رائحة طيبة "فتنسم الرب رائحة الرضا.
وقال الرب لا أعود ألعن.." (تك21:8) وذلك لأن ذبيحة نوح تشير للمسيح وبسبب
هذه الذبيحة ترفع اللعنة. وقيل هذا أيضًا عن ذبيحة المحرقة "محرقة وقود رائحة
سرور للرب" (لا9:1) وكلمة محرقة وقود هي نفسها المستخدمة عن البخور، إشارة للمسيح الرائحة الطيبة.
إذًا صلاة رفع البخور هي كأننا نحيا في العهد القديم
ولكننا بروح الفهم نقدم البخور كرمز للمسيح. ولذلك في باكر نقول قرابين هابيل الدموية التي قبلها الله فهي ترمز لذبيحة
المسيح وليست تقدمات قايين النباتية (ثمار الأرض الملعونة).
21- الأواشي
فكرة الأواشي أننا نصلي لمن غابوا عنا 1)
الراقدين 2) المرضى 3) المسافرين
ونصلي الراقدين في العشية
بالذات:
1) لأنه سبق وصلينا مزامير الغروب والنوم وكانت تتكلم عن
موت المسيح ودفنه.
2) الغروب فيها إشارة لغروب الحياة والنوم يسمونه الموت الصغير. فالنوم يشير
للنوم النهائي للجسد أي الموت، كما قال السيد "حبيبنا لعازر قد نام" فالسيد غير كلمة المو
ت بالنوم، لأنه صار لنا بالمسيح إستيقاظ من الموت أي
قيامة.
وكذلك نصلي للقرابين لأن الشعب
يأتي للكنيسة ويقدم قرابينه، التي منها نقدم الخبز والخمر والبخور..الخ. ونحن نصلي أوشية القرابين في تقديم بخور باكر لو كان الحمل
موجودًا.
ثم بعد الأواشي يختم الكاهن بقوله "بالنعمة والرأفات ومحبة
البشر.." وهذا فلأننا خطاة لا نستحق شئ، ولا وجه لنا أن نطلب شيء من الله.
لكن هي نعمته التي سمحت لنا أن نقف أمامه.
ويضع الكاهن يد بخور ويدور حول المذبح دورة واحدة ثم يقبله، ويكون الخروج دائمًا
ووجه الكاهن للمذبح فلا يصح أن يعطي القفا للمذبح كما
فعل شعب إسرائيل (إر27:2). وهذه القبلة كمن يستعطف الله
قبل أن يخرج في دورة البخور التي فيها يجمع صلوات الشعب التائب
ويعود ليقدمها لله ليقبلها ويغفر ويرضي. ثم يبخر على شكل صليب كما سبق ثم يعطي البخور للإنجيل ثم لأجساد القديسين إن وجدت ثم للأسقف ثم للكهنة ثم
يدور وسط الشعب كله ويقدم البخور أمام الأيقونات ويقول أمام كلٍ كما يأتي:-
1) السلام لإنجيل ربنا يسوع المسيح ويقبل الإنجيل أولاً بباطن يده ثم بظاهر
يده ثم بباطن يده. والمعنى أننا نعطي كرامة للإنجيل من داخل القلب ثم أمام الناس
في إحترام له ثم من داخلنا كحياة نحيا به.
2) السلام للقديس العظيم الأنبا .. .. أطلب من الرب عنا ليغفر لنا خطايانا
هذه للذخائر (أجساد القديسين).
3) يبخر للأسقف 3 مرات
الأولى:
الرب يحفظ لنا وعلينا حياة وقيام أبينا المكرم الأنبا .. .. ..
الثانية:
حفظًا إحفظه لنا سنين كثيرة وأزمنة سالمة
الثالثة:
وإخضع جميع أعدائه تحت قدميه سريعًا.
وتبخير الكاهن للأسقف يعني أن الكاهن يقدم له البخور مع صلواته هذه التي يرفعها الأسقف لله
نائبًا عن الشعب فهو الدرجة العالية.
والأسقف يقدم الصليب فيقبله الكاهن ويقبل يد الأسقف قائلًا أطلب من المسيح
عنا ليغفر لنا خطايانا.
4) للكهنة زملائه يقول أسألك يا أبي أن تذكرني في صلاتك (هذه من قس إلى قس)
ويرد عليه الكاهن زميله الرب يحفظ كهنوتك مثل ملشيصادق وهارون وزكريا وسمعان كهنة الله العلي أمين. وفي
وقت القداس يقول الكاهن الشريك للكاهن الخديم الذي يقدم الذبيحة
الرب يقبل ذبيحتك مثل ملشيصادق وهارون وزكريا وسمعان كهنة الله العلي
أمين.
وطريقة
إعطاء البخور كالآتي:
يبسط الكاهن المصلي يديه ثم يضع الكاهن الشريك راحة يده اليمنى مقلوبة على راحة
اليد اليسرى للكاهن ثم يقلبها على راحة يده اليمنى ويكرر هذا العمل مرة أخرى ثم
يضم الكاهنان أيديهما إلى بعضهما وينحنيان لبعضهما ويقبل كل منهما يد الآخر.
والمعنى:- فالكاهن المصلي يرفع يده للسماء طالبًا
البركة من الله. ووضع اليد مقلوبة ومعدولة إشارة لأن المحبة
متبادلة باطنيًا من القلب وظاهريًا أمام الناس.
ولو كان قس يبخر أمام قمص يبخر
مرتين "فالقسوس المدبرون حسنًا يحسبون لكرامة
مضاعفة" (1تي17:5) في اليد الأولى يقول القس "أسألك يا أبي القمص أذكرني
في صلاتك" وفي اليد الثانية "لكي المسيح إلهنا يغفر لي خطاياي
الكثيرة"
وتكرار قلب اليد يشير لأن الكاهن يقول وأنا أحبك أكثر باطنيًا وظاهريًا.
ثم يخرج الكاهن ليبخر أمام الأيقونات ووسط الشعب حسب الرسم الآتي. وأمام الأيقونات يقول السلام للقديس.. وأمام صورة السيد
المسيح يقول قدوس الله قدوس القوي قدوس الحي الذي لا يموت إرحمنا وأمام
الهياكل يقول "السلام لهيكل الله الآب" ويقول وهو يدور وسط الشعب بركة
بخور عشية (باكر) بركتها تكون معنا أمين. وفي دورة البولس والإبركسيس يقول
· بركة بولس الرسول رسول يسوع المسيح بركته المقدسة
فلتكن معنا أمين.
· بركة سادتي الآباء الرسل بركتهم المقدسة تكون
معنا أمين.
هي دورة يبخر فيها الكاهن أمام الأيقونات ثم وسط الشعب وكأنه يجمع في مجمرته
صلوات الشعب مشفوعة بصلوات القديسين أصحاب الأيقونات ويعود ويدخل للهيكل ويضع يد بخور ويردد
"يا الله الذي قبل إليه اعتراف اللص على الصليب المكرم. اقبل إليك إعتراف شعبك. اغفر لهم
جميع خطاياهم.. كرحمتك يا رب ولا كخطايانا" وهذا يسمى سر الرجعة (رجوع الكاهن للهيكل بعد دورة البخور) ولاحظ أن الشعب يردد في ذلك الوقت الذوكصولوجيات وهي تمجيد للقديسين الذين يشفعون
فينا والكاهن يبخر أمام أيقوناتهم.
والصورة المكملة من سفر الرؤيا أن الأربعة والعشرون قسيسًا يقدمون
هذه الصلوات من مجامرهم والمعنى بعد تنقيتها فصلواتنا مرفوعة من
قلوب مملوءة خطية وشر.
ويردد الشعب أثناء دور البخور
"أسألك يا ربي يسوع المسيح أن تغفر لي خطاياي التي أعرفها والتي لا
أعرفها"
وقبل أن يدخل الكاهن إلى الهيكل وعند مكان دكة الصلبوت يبخر في
شكل صليب. ودكة الصلبوت توضع في خورس الموعوظين؛ لأن المسيح صلبوه خارج أورشليم،
فالصليب هو عار احتمله لأجلنا وبه صِرْنا مقبولين. ويصلى الكاهن خاشعًا في كل
اتجاه كما يلي: (ونُسَمّي هذه الصلوات "الأرباع الخشوعية")
(1) يسوع
المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد هذا الذي أصعد ذاته على الصليب ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا
يقول هذا
وهو ناظر للهيكل وكأنه يقول يا رب أنت صعدت على الصليب لتغفر خطايا الناس ومحبتك هي هي في كل
زمان فإغفر لشعبك ولي يا رب فدورة البخور هي دورة يصلي فيها الشعب طالبًا
غفران خطاياه.
(2) فإشتمه
أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة
نحن رفضنا
من الله بعد الخطية. وجاء المسيح ليرفضه الناس ويصلبوه فنصير نحن مقبولين فيه (هذه
تقال جهة الغرب أي جهة الرفض)
(3) فتح
باب الفردوس ورد آدم إلى رياسته مرة أخرى
ناظرًا
للباب الغربي ويذكر الكاهن أننا طردنا من الجنة التي في الشرق، ردنا المسيح ورد آدم أبينا إلى الفردوس مرة أخرى. لذلك كان قدس الأقداس ناحية
الغرب لأن الناس كانوا قد أداروا لله القفا. أو أدار الناس القفا للشرق أي الفردوس إذ طردوا وغادروا الجنة التي في الشرق.
(4) من
قِبَلْ صليبه وقيامته المقدسة رد الإنسان مرة أخرى إلى الفردوس
هنا يذكر
أن الله أعادنا من قِبَلْ صليبه وقيامته.
(5) فلنسجد
لمخلصنا محب البشر الصالح لأنه تراءف علينا أتى وخلصنا
هذه تجاه الشرق يقدم السجود لله.
معنى هذه
الأرباع أننا نُقَدِّم الشُّكر للمسيح وكأننا نقول "نحن نذكر يا رب قبولك
العار عنا لِتُخَلِّصنا".
ملاحظات:
1) أوشية الراقدين: تصليها الكنيسة لأنها تؤمن أن نفوس الراقدين حية وليست
كالحيوانات تباد وتفنى وأن لها خلود وأن هناك قيامة، وأن هذه النفوس ونحن الأحياء
بالجسد كلنا أمام الله "نصلي لأجل بعضنا البعض" (يع16:5) وأن الصلاة
تنفع الراقدين بدليل قول بولس الرسول عن أنيسيفورس الذي كان قد إنتقل "ليعطيه الرب
أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم" (2تي18:1) وهذه صلاة لطلب الرحمة لمنتقل.
ويقول السيد المسيح "أما من قال على الروح القدس فلا يغفر له لا في هذا العالم ولا في
الآتي" (مت32:12) ومن هذا نفهم أن هناك فرصة للغفران في الدهر الآتي ولهذا
طلب بولس عن أنيسيفورس، ولهذا تصلي الكنيسة عن الراقدين. وقطعًا ففي هذه الصلوات
تعزية للأحياء من أقارب الراقدين.
2) أوشية القرابين: يصليها أعلى رتبة وأمام المذبح وليس على باب الهيكل كباقي الصلوات والأواشي. لأن الكنيسة ترفع مستوى القرابين التي يقدمها الشعب
إلى أنها ذبيحة "لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر
الله" (عب16:13) وكانت العادة قديمًا أن المؤمنون هم قادمين للكنيسة يأتون
ومعهم قرابينهم (زيت/ خمر/ دقيق..) والكنيسة تصلي هذه الأوشية ليبارك الله لكل من أتى بقرابين ومن ليس له ولم يستطع
أن يأتي بقرابين.
3) في التبخير أمام الهيكل يقول الكاهن "السلام لهيكل الله الآب"
أ)
فالهيكل يقام فيه القداس لله الآب.
ب)
والذبيحة هي الله الإبن (جسد المسيح)
ج) الذي
يقدس القرابين هو الله الروح القدس
فالثالوث يشترك في تهيئة الأسرار المقدسة
4) تقديم البخور من كاهن إلى أسقف أو إلى كاهن زميله يعني إشتراك الجميع في
تقديم البخور لله، فهو يطلب منهم أن يصلوا لأجله وهم
يقدمون البخور مصحوبًا بدعائهم ومحبتهم ليسانده الله
ويقبل صلواته عن الشعب. ومرور الكاهن وسط الشعب بالبخور فيه:
أ) الشعب
يقدم توبة طالبًا من الله غفران خطاياه.
ب) الكاهن يطلب البركة للشعب.
ج) عندما
يعود الكاهن للهيكل يطلب غفران خطايا الشعب
د) أثناء
مرور الكاهن وسط الشعب يصرخ الشعب لله طالبين غفران
خطاياهم.
المرجع
كتاب الأسرار الكنسية السبعة للقس أنطونيوس فكرى
موقع كنيسة الأنبا تكلا
هيمانوت الحبشي القس - الإسكندرية .